164

Tafsir al-Uthaymeen: An-Naml

تفسير العثيمين: النمل

ناشر

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م

پبلشر کا مقام

المملكة العربية السعودية

اصناف

ﷺ. فقال: هاتِ مَن يَشْهَدُ لكَ. فشَهِد له مُحَمَّدُ بنُ مَسْلَمَةَ (^١)، فمِثل هَذِهِ الحالِ وإنْ كَانَ الخبرُ مُتيقَّنًا لكِن لا مانعَ أنْ يَتَثَبَّتَ الْإِنْسَان فِي ذلكَ.
الفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أَنَّهُ يَنبغي للإِنْسَانِ أنْ يَكُونَ لَبِقًا فِي تعبيرِه، حَتَّى لغيرِ الآدَمِيّ؛ لِقَوْلِهِ: ﴿أَصَدَقْتَ﴾ [النمل: ٢٧]، فصارحَهُ هنا بلفظِ الصدقِ؛ لِأَنَّ الصدقَ صفةٌ محبوبةٌ محمودةٌ، وِفي الكذِب ما قَالَ: (أنْ كذبتَ) بل قَالَ: ﴿أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ [النمل: ٢٧]، فتحاشَى أنْ يُصارِحَه بوصفِ الكذبِ، مَعَ ما فِي ذلكَ بالنِّسْبَةِ للقرآنِ الكريمِ، فِي مراعاةِ الفواصلِ فِي قولِهِ: ﴿أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ [النمل: ٢٧]، لِأَنَّ فِيهِ مراعاةً للفواصلِ.
وقول المُفَسِّر: إن هَذَا أبلغ من [أن كذبت] هَذَا له وجهٌ؛ لِأَنَّ قوله: ﴿أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ﴾ [النمل: ٢٧]، أي: من المتَّصفينَ بالكذِبِ دائمًا، يَعْنِي: ممَّن وَصْفُه الكذِبُ، وَلَيْسَ مَن كَذَبَ مرةً واحدةً كمَن كَانَ الكذِبُ وَصفًا له، فيَكُون العدولُ هنا عن: [أنْ كذبتَ] له ناحيتانِ:
الناحية الْأُوْلَى: أَنَّهُ ألطفُ منَ التصريحِ بالمخاطَبَةِ بالكذِبِ.
الناحية الأُخْرَى: هِيَ أشدُّ؛ حَيْثُ إِنَّهَا تدلُّ عَلَى اتِّصافِ المخاطَبِ بالكذبِ، لا أَنَّهُ وقع منه مرَّةً واحدةً، فالمُفَسِّر راعَى وجهًا وتركَ وجهًا آخرَ، والصَّوابُ أَنَّهُ مراعى فيها الوجهانِ جميعًا.
الفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: في قوله: ﴿سَنَنْظُر﴾ جواز تعظيم الْإِنْسَانِ إذا كَانَ أهلًا لذلك، عَلَى أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ سُلَيْمَانُ أرادَ أَنَّهُ يَنْظُرُ ذلك بمَن يستعين به من جنوده،

(^١) رواه البخاري، كتاب البيوع، باب الخروج في التجارة، حديث رقم (١٩٥٦)؛ ومسلم، كتاب الآداب، باب الاستئذان، حديث رقم (٢١٥٣).

1 / 168