(هُنَالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا) (الكهف: ٤٤)
قوله تعالى: (هُنَالِكَ الْوَلايَةُ) فيها قراءتان:
١ - الوِلاية ٢ - الوَلايَة.
فالوَلاية: بمعنى النُّصرة، كما قال تعالى: (مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) (لأنفال: الآية ٧٢) والوِلاية: بمعنى الملك والسلطة، فيوم القيامة لا نصرة ولا ملك إلَاّ (لِلَّهِ الْحَقِّ)، وإذا كان ليس هناك انتصار ولا سلطان إلا لله فإن جميع من دونه لا يفيد صاحبه شيئًا.
(هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا)، (هو) الضمير يعود على الله، (خَيْرٌ ثَوَابًا) من غيره، إذا أثاب عن العمل فهو (خَيْرٌ ثَوَابًا) لأن غير الله إن أثاب فإنه يثيب على العمل بمثله، وإن زاد فإنه يزيد شيئًا يسيرًا أما الله فإنه يثيب العمل بعشرة أمثاله إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة.
كذلك هو (وَخَيْرٌ عُقْبًا) جلَّ وعلا، لأن من كان عاقبته نصر الله وتَوَلِّيَهُ فلا شك أن هذا خير من كل ما سواه. جميع العواقب التي تكون للإنسان على يد البشر تزول لكن العاقبة التي عند الله لا تزول.
إنَّ هذا المثل الذي ضربه الله في هذه الآيات هل هو مثل حقيقي أو تقديري؟ يعني هل هذا الشيء واقع أو أنه شيء مُقدَّر؟
الجواب: من العلماء من قال إنه مثل تقديري كقوله ﵎: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (النحل: ٧٦)،