252

Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Furqan

تفسير العثيمين: الفرقان

ناشر

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤٣٦ هـ

پبلشر کا مقام

المملكة العربية السعودية

اصناف

أو مالًّا أو مُتْعَبًا، فلا يَكُون مناسبًا للدعوة، فاتْرُكْه وائْتِهِ فِي وقتٍ آخرَ، أَمَّا قوله تَعَالَى: ﴿فَذكرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى﴾ فالعلماءُ مختلِفون هل (إنْ) شرطيَّة أو أنَّها لبيانِ حالهِم، يَعْنِي إن كانت الذكرى سَتَنْفَعُهم فذَكِّرْهُم، يَعْنِي هَؤُلَاءِ لَيْسَ فيهم خيرٌ، ولا تنفعهم الذكرى، مثلما تقول: عَلِّمه إذا كَانَ العلمُ يَنْفَعه، ولَكِن عَلَى كل حالٍ الأَصْل أن الشرطَ مقصودٌ، وأيضًا قوله ﵊: "حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ، أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ" (^١) من هَذَا النوع، فهَذَا منَ الحِكْمَةِ، وليس المعنى: لا تحدِّثُونهم بما لا يعرفون؛ لِأَنَّهُ قَالَ: "أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ"، فالمعنى: اسْلُكُوا سبيلَ الحِكمةِ.
الْفَائِدَة الخامسة: أن عَلَى الداعي ألَّا يَرْبِطَ دَعْوَتَه بنتائجها، بمعنى أَنَّهُ لا يقولُ: إنْ وَجَدْتُ نتيجةً وإلَّا وقفتُ.
الْفَائِدَة السادسةُ: أن عدمَ استجابةِ المَدْعُوِّينَ للداعي لا يدلُّ عَلَى فسادِ قَصْدِهِ أو عَمَلِهِ، ولا يدل أَيْضًا عَلَى تقصيرِهِ، يَعْنِي إذا دعا الْإِنْسَانُ ولَكِنَّه لم ينجحْ، فلا يجوزُ لنا أنْ نَتَّهِمَهُ ونقول: هَذَا لو كانتْ نيَّتُه صالحةً لانتفعَ النَّاسُ بِهِ. إذَن هَذِهِ فائدة عظيمةٌ؛ لِأَنَّهُ ربما يَكُونُ من بعض النَّاس اعتراضٌ عَلَى الداعي، يقول: هَذَا الداعي نيَّته باطلةٌ، لو أن نِيَّته صحيحةٌ ما نفرَ النَّاسُ منه. فهَذِهِ فائدةٌ طيِّبةٌ.
الْفَائِدَة السابعة: تسليةُ الدُّعاة إذا قُدِّرَ أَنَّهُمْ لم يَنْجَحُوا مثلًا، فيقال: هَذَا النَّبي ﵊ دعا هَؤُلَاءِ القومَ، وزادهم نفورًا، لَكِنْ كانتِ العاقبةُ له، فأنتَ اصْبِرْ وستكون العاقبة للمتَّقين.

(^١) أخرجه البخاري: كتاب العلم، باب من خص بالعلم قوما دون قوم، كراهية أن لا يفهموا، رقم (١٢٧).

1 / 257