الْفَائِدَةُ الخَامِسَةَ عَشْرَةَ: أنه يَجِب على المَرْء أن يَلجَأ إلى ربه ﷿ في سُؤَاله الهِداية؛ لقوله ﷾: ﴿وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾، وتَأمَّل تَغيير الصِّيغة، حيث قال تعالى: ﴿وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ﴾، ثُمَّ قال ﷿: ﴿وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ﴾، ولم يَقُل: ويَهدِي السبيلَ؛ لأَجْل أن تَكون الجُمْلة الثانية مُستَقِلَّة برُكْنيها بمُبتدَئِها وخبَرها؛ لأنَّ قوله تعالى: ﴿وَهُوَ يَهْدِي﴾ هو مُبتدؤُهَا، وجملةُ ﴿يَهْدِى﴾ خبَرُها، فكانت الجُملةُ مُسْتَقِلَّة عن الأولى، لأن ذلك أبلَغُ في بيان أنَّ الهِداية بيَدِ اللَّه ﷾.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ: أنَّ طريق الحقِّ واحِد؛ لقوله تعالى: ﴿السَّبِيلَ﴾، وهُو مُفرَد، وهكذا تَجِد أن السُّبُلَ تَأتي جَمْعًا فيما يُخالِف الحقَّ، قال ﷾: ﴿فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ﴾ [الأنعام: ١٥٣]، وهنا أَفرَد الصِّراط، أمَّا الصِّراط المُخالِف لصِراط اللَّه تعالى فهو جَمْع، ﴿وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ﴾ [الأنعام: ١٥٣]، وإذا جاء طريق الحقِّ مَجموعًا فالمُرادُ تَنوُّع الشرائِع، وكذلك الوليُّ الكافِر: ﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ﴾ [البقرة: ٢٥٧]، لأنَّ سُبُل غير الحقِّ مُتنوِّعة، وكل نَوْع منها عليه طاغوت يَدعو إليه.
* * *