Tafsir Al-Uthaymeen: Al-Ahzab
تفسير العثيمين: الأحزاب
ناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٣٦ هـ
پبلشر کا مقام
المملكة العربية السعودية
اصناف
وقوله ﷾: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾: ﴿مِنَ﴾ للتَّبعيض؛ لأنها تُقدَّر بـ (بعْض)، واختَلَف النَّحويُّون في (مِن) التَّبعيضية فقال بعضهم: إنها اسْمٌ، وهي بحَسب العوامِل، لكن لا يَظْهَر عليها عمَل العامِل؛ لأنها حَرْف فيَنتَقِل العامل إلى ما بعدَها، ومنهم مَن قال: إنها حَرْف جَرٍّ، ولكن مَعناها: التَّبعيض وهذا هو الذي عليه أكثر] أهل النَّحو.
وقوله تعالى: ﴿رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ﴾ مَعنَى ﴿صَدَقُوا﴾ أي: قاموا بهم، كما تَقول: صدَق لي الوَعْد. يَعنِي: وفَى لي بالوَعْد، فهُمْ وفَوْا بما عاهَدوا اللَّهَ تعالى عليه من الثَّبَات مع النبيِّ ﷺ مِثْل: أبي بَكْر وعُمرَ وعُثمانَ وعليٍّ، وكثير نَحوهم.
وقوله ﵀: [﴿فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ﴾ مات أو قُتِل في سبيل اللَّه تعالى، ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ﴾ ذلك ﴿وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾ في العَهْد، وهُم بخِلاف حال المُنافِقين].
قسَّم اللَّه تعالى هؤلاءِ الرِّجال الذين صدَقوا ما عاهَدوا اللَّه عليه إلى قِسْمين: قِسْم قضَى نَحْبه يَعنِي: قَضى حَياته وقُتِل في سبيل اللَّه تعالى كحَمزةَ بنِ عبدِ المُطلِّب ﵁، فإنه قُتِل شهيدًا في سبيل اللَّه تعالى، وكذلك بقية شُهَداء أُحُد.
ومنهم مَن يَنتَظِر القِتال في سبيل اللَّه؛ لأنه قد صدَق الرسول ﷺ أو قَدْ ﴿صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ﴾، فهُم يَنتَظِرون أن يُستَشهَدوا، ولكن هل يَحصُل لهم ذلك أم لا؟ قد يَحصُل وقد لا يَحْصُل؛ ولهذا يُقال: إن خالدَ بن الوَليد ﵁ تَأسَّف في حال مرَضه أنه لم يُقتَل شهيدًا في سبيل اللَّه تعالى، يَعنِي: يَندَم أنه ما ترَك مَعرَكةً إلَّا خاضَها قال ﵁: "وَهَا أنَّا أَموتُ عَلى فِراشِي كما يَموتُ الحِمارُ" (^١)؛
(^١) أخرجه الدينوري في المجالسة رقم (٨٣٦)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (١٦/ ٢٣٧).
1 / 177