156

Tafsir al-Tabari Jami' al-Bayan - Tahqiq Hajar

تفسير الطبري جامع البيان - ط هجر

ایڈیٹر

د عبد الله بن عبد المحسن التركي

ناشر

دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

اصناف

بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾ [الجاثية: ٢٣] فَأَنْبَأَ جَلَّ ذِكْرُهُ أَنَّهُ الْمُضِلُّ الْهَادِي دُونَ غَيْرِهِ. وَلَكِنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ بِلِسَانِ الْعَرَبِ، عَلَى مَا قَدْ قَدَّمْنَا الْبَيَانَ عَنْهُ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ. وَمِنْ شَأْنِ الْعَرَبِ إِضَافَةُ الْفِعْلِ إِلَى مَنْ وُجِدَ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ مُسَبِّبُهُ غَيْرَ الَّذِي وُجِدَ مِنْهُ أَحْيَانًا، وَأَحْيَانًا إِلَى مُسَبِّبِهِ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي وُجِدَ مِنْهُ الْفِعْلُ غَيْرَهُ. فَكَيْفَ بِالْفِعْلِ الَّذِي يَكْتَسِبُهُ الْعَبْدُ كَسْبًا وَيُوجِدُهُ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَيْنًا مُنْشَأَةً؟ بَلْ ذَلِكَ أَحْرَى أَنْ يُضَافَ إِلَى مُكْتَسِبِهِ كَسْبًا لَهُ بِالْقُوَّةِ مِنْهُ عَلَيْهِ وَالِاخْتِيَارِ مِنْهُ لَهُ، وَإِلَى اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِإِيجَادِ عَيْنِهِ وَإِنْشَائِهَا تَدْبِيرًا. مَسْأَلَةٌ يَسْأَلُ عَنْهَا أَهْلُ الْإِلْحَادِ الطَّاعِنُونَ فِي الْقُرْآنِإِنْ سَأَلَنَا مِنْهُمْ سَائِلٌ فَقَالَ: إِنَّكَ قَدْ قَدَّمْتَ فِي أَوَّلِ كِتَابِكَ هَذَا فِي وَصْفِ الْبَيَانِ بِأَنَّ أَعْلَاهُ دَرَجَةً وَأَشْرَفَهُ مَرْتَبَةً، أَبْلَغُهُ فِي الْإِبَانَةِ عَنْ حَاجَةِ الْمُبِينِ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ وَأَبْيَنُهُ عَنْ مُرَادِ قَائِلِهِ وَأَقْرَبُهُ مِنْ فَهْمِ سَامِعِهِ، وَقُلْتَ مَعَ ذَلِكَ إِنَّ أَوْلَى الْبَيَانِ بِأَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ كَلَامُ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِفَضْلِهِ عَلَى سَائِرِ الْكَلَامِ وَبِارْتِفَاعِ دَرَجَتِهِ عَلَى أَعْلَى دَرَجَاتِ الْبَيَانِ. فَمَا الْوَجْهُ إِذْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا وَصَفْتَ فِي إِطَالَةِ الْكَلَامِ بِمِثْلِ سُورَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ بِسَبْعِ آيَاتٍ؟ وَقَدْ حَوَتْ مَعَانِي جَمِيعِهَا مِنْهَا آيَتَانِ،

1 / 199