132

Tafsir Al-Samin Al-Halabi - From Ayah 138 of Surah Al-Imran to the End of the Surah

ترجيحات السمين الحلبي - من آية ١٣٨ سورة آل عمران إلى آخر السورة

اصناف

على ذلك (^١)، بل أكثر أهل العلم ذكروا بأن المراد النفي، وأن (هل) بمعنى (ما) النافية (^٢).
٢) أدلة القول الأول في المسألة:
يستدل للقول الأول بأن الأصل في الاستفهام أن يكون للاستخبار والاسترشاد، فيبقى الاستفهام على أصله ولا يخرج عنه إلا بدليل ظاهر.
٣) أدلة القول الثاني في المسألة:
وهي دليلان:
الأول: أشار إليه السمين الحلبي بالرواية التي ذكرها من قول عبد الله بن أُبي ابن سلول أنه قال على وجه التسخط: "وهل لنا من الأمر شيء" (^٣)، وبيَّن السمين الحلبي أن معنى كلامه: (ليس لنا أمرٌ يُطاع)، وسياق القصة يقتضي هذا المعنى، وقد جاء بيان هذا المعنى في رواية أخرى أنه قال: "إنَّا واللهِ ما نُؤامر" (^٤)، وهذا ظاهرٌ في أنه ينفي أن يكون لهم من الأمر من شيء.
الثاني: سياق الآية، وذلك في قوله تعالى: ﴿يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا﴾، فهم في هذا ينفون أن يكون لهم من الأمر شيء، فدل على أن الاستفهام للنفي، وأيضًا قوله تعالى في الآيات اللاحقة ﴿لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُواْ﴾ [آل عمران: ١٦٨] يشهد بأن المراد (ليس لنا أمرٌ يُطاع) (^٥).
٤) الموازنة بين الأدلة:
النقاش في هذه المسألة مبني على تحديد المراد بـ (الأمر) في الآية، وذلك في قوله: ﴿هَل لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ﴾، وقوله: ﴿قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ﴾، وقوله: ﴿يَقُولُونَ لَوْ كَانَ

(^١) ذكر الشيخ العثيمين في تفسير آل عمران (٢/ ٣٢٩ – ٣٣٠، ٣٣٧) أن الاستفهام للإنكار وليس للنفي، وقال إنهم أنكروا على الرسول خروجه إلى أُحد، وقالوا: هل نحن روجعنا؟! وهذا الإنكار في الحقيقة يؤول إلى النفي، وقد ذكر ابن هشام في مغني اللبيب (ص: ٤٦٠) وجه الإنكار الذي تختص به (هل) أنه بمعنى النفي.
(^٢) ينظر في التفسير البسيط للواحدي (٦/ ٩٣)، وتفسير البغوي (١/ ٥٢٥)، وتفسير القرطبي (٤/ ٢٤٢)، وتفسير ابن جزي (١/ ١٦٨)، وفتح القدير للشوكاني (١/ ٤٤٩)، والتحرير والتنوير لابن عاشور (٤/ ١٣٥).
(^٣) رواها الطبري في تفسيره (٦/ ١٦٧) عن ابن جريج.
(^٤) رواها ابن أبي حاتم في تفسيره (٣/ ٧٩٥) عن الحسن البصري.
(^٥) ينظر في تفسير الرازي (٩/ ٣٩٥)، وتفسير القرطبي (٤/ ٢٤٢).

1 / 132