156

Tafsir al-Qasimi Mahasin al-Ta'wil

تفسير القاسمي محاسن التأويل

ایڈیٹر

محمد باسل عيون السود

ناشر

دار الكتب العلمية

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤١٨ هـ

پبلشر کا مقام

بيروت

اصناف

الأرض، قال تعالى: فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ [الأنعام: ٣٥] فالمنافق هو الذي خرج من الإيمان باطنا بعد دخوله فيه ظاهرا. وقيّد النفاق بأنه نفاق من الإيمان. ومن الناس من يسمي من خرج عن طاعة الملك منافقا عليه. لكن المنافق- الذي في القرآن- هو النفاق على الرسول، فخطاب الله ورسوله الناس بهذه الأسماء كخطاب الناس بغيرها، وهو خطاب مقيّد خاص، لا مطلق يحتمل أنواعا:
وقد بين الرسول تلك الخصائص. والاسم دلّ عليها، فلا يقال: إنها منقولة، ولا أنه زيد في الحكم دون الاسم، بل الاسم إنما استعمل على وجه يختص بمراد الشارع، لم يستعمل مطلقا. وهو إنما قال: أَقِيمُوا الصَّلاةَ [البقرة: ٤٣]، بعد أن عرفهم الصلاة المأمور بها، فكان التعريف منصرفا إلى الصلاة التي يعرفونها. لم ينزل لفظ الصلاة وهم لا يعرفون معناه. ولهذا قال من قال في لفظ الصلاة: إنه عام للمعنى اللغويّ، وأنه مجمل لتردده بين المعنى اللغويّ والشرعيّ، ونحو ذلك، فأقوالهم ضعيفة. فإن هذا اللفظ إنما ورد خبرا أو أمرا. فالخبر كقوله: أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى عَبْدًا إِذا صَلَّى [العلق: ٩- ١٠]، وسورة (اقرأ) من أول ما نزل من القرآن، وكان بعض الكفار- إمّا أبو جهل أو غيره- قد نهى النبي ﷺ عن الصلاة،
وقال «١»: لئن رأيته يصلي لأطأنّ عنقه، فلما رآه ساجدا رأى من الهول ما أوجب نكوصه على عقبيه
. فإذا قيل: أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى عَبْدًا إِذا صَلَّى فقد علمت تلك الصلاة الواقعة بلا إجمال في اللفظ ولا عموم. ثم إنه لما فرضت الصلوات الخمس ليلة المعراج، أقام النبي ﷺ لهم الصلوات بمواقيتها صبيحة ذلك اليوم، وكان جبريل يؤمّ النبي ﷺ، والمسلمون يأتمون بالنبي ﷺ. فإذا قيل لهم: أَقِيمُوا الصَّلاةَ عرفوا أنها تلك الصلاة. وقيل: إنه قبل ذلك كانت له صلاتان في طرفي النهار، فكانت أيضا.
فلم يخاطبوا باسم من هذه الأسماء إلّا ومسماه معلوم عندهم، فلا إجمال في ذلك ولا يتناول كلّ ما يسمى: حجّا، ودعاء، وصوما، فإنّ هذا إنما يكون إذا كان اللفظ مطلقا، وذلك لم يرد. وكذلك الإيمان والإسلام، وقد كان معنى ذلك عندهم من أظهر الأمور. وإنما سأل جبرئيل النبيّ ﷺ عن ذلك وهم يسمعون،
وقال «٢»:

(١) أخرجه البخاري في التفسير، سورة العلق، باب كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ.
(٢) أخرجه البخاري في الإيمان، باب سؤال جبريل النبي ﷺ عن الإيمان والإسلام والإحسان.

1 / 157