تفسير القرآن
تفسير القرآن
تحقیق کنندہ
محمد باسل عيون السود
ناشر
منشورات محمد علي بيضون / دارالكتب العلمية
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٢٣ هـ
پبلشر کا مقام
بيروت
اصناف
تفسیر
والفهم عيش، وإنما يفهم الكلام رجلان: واحد يحب أن يفهم لكي يتكلم به في موضع، فليس له حظ منه إذ ذاك، وآخر يسمعه فيشغله العمل به عن غيره، وهذا أعز من الكبريت الأحمر، وأعز من كل عزيز، وهو في المتحابين في الله. والتفهم بكلف والفطنة لا تنال بالتكلف، وهو العمل بالإخلاص له، فإن لله تعالى عبادًا في الجنة لو حجبوا عن اللقاء طرفة عين لاستغاثوا فيها كما يستغيث أهل النار في النار، لأنهم عرفوه، أفلا ترون إلى الكليم ﵇ حيث لم يصبر عن رؤيته لما وجد حلاوة مناجاته حتى قال: «إلهي، ما هذا الصوت العيراني الذي غلب على قلبي منك؟ قد سمعت صوت الوالدة الشفيقة، وصوت الطير في الهواء، فما سمعت صوتًا أجلب لقلبي من هذا الصوت» .
وكان موسى ﵇ بعد ذلك كلما رأى جبلًا أسرع إليه، وصعد عليه شوقًا إلى كلامه ﷻ.
وقد كان رجل من بني إسرائيل لا يذهب موسى إلى مكان إلا مشى بحذائه، ولا يجلس مجلسًا إلا جلس بحذائه، حتى تأذى موسى ﵇ منه، قيل له: إنك أذيت نبي الله. قال:
إنما أريد أن أنظر إلى الفم الذي كلّم الله به. فقال: رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ [الأعراف: ١٤٣] فقال:
يا موسى، إنه لن يراني خليقة في الأرض إلا مات. فقال: «رب أرني أنظر إليك وأموت، أحب إلي من أن لا أنظر إليك وأحيى» . فمن أخلص لله قلبه له فاشتاق إليه وصل إليه.
وقد كان أبو عبيد الله الخواص يصيح ببغداد فيقول: أنا من ذكرك جائع لم أشبع، أنا من ذكرك عطشان لم أرو، ووا شوقاه إلى من يراني ولا أراه، ثم يأتي دجلة وعليه ثياب فيرمي نفسه فيها، فيغوص في موضع ويخرج من موضع آخر وهو يقول: أنا من ذكرك جائع لم أشبع، أنا من ذكرك عطشان لم أرو، ووا شوقاه إلى من يراني ولا أراه، والناس على الشط يبكون.
وجاء رجل إلى سهل يومًا والناس مجتمعون عليه فقال: يا أبا محمد انظر إيش عمل بك وإيش يوقع لك، فلم يؤثر ذلك على سهل، وقال: هو المقصود هو المقصود.
[سورة مريم (١٩): آية ٧٦]
وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا (٧٦)
قوله تعالى: وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً [٧٦] قال: أي يزيد الله الذين اهتدوا بصيرة في إيمانهم بالله، وفي اقتدائهم بمحمد ﷺ، وهو زيادة الهدى والنور المبين.
[سورة مريم (١٩): آية ٨٥]
يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْدًا (٨٥)
قوله تعالى: يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْدًا [٨٥] أي ركبانًا. والمتقون هم الذين يتقون ما سوى الله ﷿. وقال: لا يكمل للعبد شيء حتى يحصن عمله بالخشية، وفعله بالورع، وورعه بالإخلاص، وإخلاصه بالمشاهدة، والمشاهدة بالتقوى عما سوى الله.
1 / 100