79
قوله : { فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا } . قال الكلبي : هم أحبار اليهود وعلماؤهم؛ عمدوا إلى نعت النبي عليه السلام في كتابهم ، فزادوا فيه ونقصوا منه ، ثم أخرجوه إلى سفلتهم فقالوا : هذا نعت النبي الذي يبعثه الله في آخر الزمان ، ليس كنعت هذا الرجل . فلما نظر السفلة إلى محمد A لم يروا فيه النعت الذي في كتابهم الذي كتبت أحبارهم . وكانت للأحبار مأكلة ، فقال الله : { فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا } . أي : تلك المأكلة : { فويل لهم } في الآخرة { مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون } .
{ وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة } . قال بعض المفسرين : قالت اليهود : لن يدخلنا الله النار إلا تحلة القسم ، عدد الأيام التي عبدنا فيها العجل ، فإذا انقضت عنا تلك الأيام انقطع عنا العذاب والشر .
قال الله للنبي عليه السلام : { قل أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون } . أي : إنكم لم تتخذوا عند الله عهدا وإنكم لتقولون على الله ما لا تعلمون .
وقوله : { أتخذتم عند الله عهدا } ، يعني التوحيد وهو مثل قوله : { أم لكم أيمان علينا بالغة إلى يوم القيامة } [ سورة ن : 39 ] . وتفسير ذلك في سورة ن .
ذكروا عن عبادة بن الصامت قال : سمعت رسول الله A يقول : « خمس صلوات كتبهن الله على عباده ، من جاء بهن تامة فإن له عند الله عهدا أن يدخله الجنة . وإن لم يجىء بهن تامة فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء رحمه » .
وتفسير مجاهد : { قل أتخذتم عند الله عهدا } أي : موثقا بأنه كما تقولون : { لن تمسنا النار إلا أياما معدودة } .
وقال الكلبي : إن اليهود زعمت أنهم يعذبون أربعين يوما عدد أيام العجل الذي عبدوه فيها . فقال الله : { قل أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده } . قال : فإذا أدخلهم الله النار عذبهم عدد تلك الأيام لكل يوم سنة ، فتلك أربعون سنة ، ثم يقال لهم : يا أعداء الله ، هذه الأيام قد مضت والأجل الذي قلتم وبقي الأبد ، لا تخرجون منها أبدا؛ فعند ذلك انقطع الرجاء ، وأيقنوا بالخلود في النار ، وقيل لهم :
صفحہ 36