255

87

قوله : { الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه } أي لا شك فيه { ومن أصدق من الله حديثا } . على الاستفهام . أي : لا أحد .

قوله : { فما لكم في المنافقين فئتين } . هم قوم من المنافقين كانوا بالمدينة . فخرجوا منها إلى مكة ، ثم خرجوا منها إلى اليمامة تجارا [ فارتدوا عن الإسلام وأظهروا ما في قلوبهم من الشرك ] وتخلفوا عن نبي الله في الهجرة؛ فلقيهم المسلمون فكانوا فيهم فئتين أي فرقتين . [ قال فريق منهم : قد حلت دماؤهم وهم مشركون مرتدون ، وقال بعضهم : لم تحل دماؤهم ، هم قوم عرضت عليهم فتنة . فقال الله : فما لكم في المنافقين فئتين ، وليس يعني أنهم في تلك الحال التي أظهروا فيها الشرك منافقون ، ولكنه نسبه إلى أصلهم الذي كانوا عليه بما كان في قلوبهم من النفاق؛ يقول ] : قال بعضكم كذا وقال بعضكم كذا ، فهلا كنتم فيهم فئة واحدة [ ولم تختلفوا في قتلهم ] . ثم قال الله :

{ والله أركسهم بما كسبوا } [ أي ردهم إلى الشرك ] بما اقترفوا من النفاق . { أتريدون أن تهدوا من أضل الله ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا . ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء } [ أي في الكفر شرعا سواء ] . { فلا تتخذوا منهم أولياء } أي : لا توالوهم . { حتى يهاجروا في سبيل الله } فيرجعوا إلى الدار التي خرجوا منها ، يعني المدينة . { فإن تولوا } أي أبوا الهجرة { فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم ولا تتخذوا منهم وليا ولا نصيرا } .

ثم استثنى قوما فنهى عن قتالهم فقال : { إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق } هؤلاء بنو مدلج كان بينهم وبين قريش عهد ، وكان بين رسول الله وبين قريش عهد ، فحرم الله من بني مدلج ما حرم من قريش . وهذا منسوخ نسخته الآية التي في براءة : { فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم } [ التوبة : 5 ] .

قال : { أو جاءوكم حصرت صدرهم } أي كارهة صدورهم { أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا } نسختها هذه الآية { فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم } .

قال بعضهم : ذكر لنا أنهما رجلان من قريش كانا مع المشركين بمكة ، وكانا قد تكلما بالإسلام ولم يهاجرا إلى رسول الله A ؛ فلقيهما أناس من أصحاب النبي عليه السلام وهما مقبلان إلى مكة؛ فقال بعضهم : إن دماءهما وأموالهما حلال ، وقال بعضهم : لا يحل لكم ذلك ، فأنزل الله : { فما لكم في المنافقين فئتين } حتى انتهى إلى قوله . . . { أو جاءوكم حصرت صدورهم } ، أي كارهة صدورهم .

ذكروا أن مجاهدا قال : هم قوم خرجوا من أهل مكة حتى أتوا المدينة ليأتوا ببضائع لهم يتجرون فيها؛ فاختلف فيهم الناس فبين الله نفاقهم وأمر بقتالهم .

صفحہ 255