44
قوله : { ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب } يعني اليهود { يشترون الضلالة } أي يختارون الضلالة ، في تفسير الحسن . وقال غيره يستحبون الضلالة على الهدى ، حرفوا كتاب الله . { ويريدون أن تضلوا السبيل } يعني محمدا وأصحابه . وذلك أنهم دعوهم إلى دينهم . { والله أعلم بأعدائكم } يعني اليهود ، وهو كقوله : { لتجدن أشد الناس عداوة للذين ءامنوا اليهود والذين أشركوا } [ المائدة : 82 ] قال : { وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا } .
قوله : { من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه } . قال مجاهد : تبديل اليهود التوراة . وقال الحسن : تحريفهم؛ حرفوا كلام الله ، وهو الذي وضعوا من قبل أنفسهم من الكتاب ، ثم ادعوا أنه من كتاب الله . قال : { فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله } [ البقرة : 79 ] .
قوله : { ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع } وهم اليهود . قال الكلبي : { غير مسمع } أي : لا سمعت . وقال الحسن : غير مسمع منا ما تحب . وقال مجاهد : { سمعنا وعصينا } أي : سمعنا ما تقول ولا نطيعك . { واسمع غير مسمع } أي : غير مقبول ما تقول .
قوله : { وراعنا } قال الكلبي : يلوي لسانه بالسب . وقد فسرناه في سورة البقرة . وقال الحسن : ( راعنا ) : السخري من القول : { ليا بألسنتهم } يعني ما يلوون به ألسنتهم من كتمانهم محمدا والإسلام . وقال مجاهد : كان أحدهم يقول : ارعني سمعك ، يلوي بذلك لسانه . قال : { وطعنا في الدين } أي في الإسلام .
قوله : { ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا } حتى نتفهم { لكان خيرا لهم وأقوم } لأمرهم . { ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا } .
قال بعضهم : قل من آمن من اليهود . ذكر محمد بن سيرين قال : ما نعلم أحدا من اليهود أسلم على عهد النبي محمد عليه السلام غير عبد الله بن سلام ، والحسن يذكر آخر ، ما أدري من هو .
ذكروا عن رفاعة القرظي في قوله : { الذين ءاتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون } [ القصص : 52 ] قال : نزلت في عشرة ممن أسلم من اليهود أنا أحدهم .
ذكر أبو هريرة قال : قال رسول الله A : « لو آمن بي واتبعني وصدقني عشرة من اليهود لم يبق على ظهرها يهودي إلا اتبعني » فقال كعب : اثنا عشر . وفي حديث الحسن : عشرة . ومصداق ذلك في كتاب الله : { ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا } [ المائدة : 12 ] . وقال بعض العلماء : إن لم يكن قال هذا النبي بعدما أسلم الاثنان اللذان قال محمد بن سيرين فما أدري ما هو .
صفحہ 236