218

15

قوله : { واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم } يعني الزنا { فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا } قيل : هذه الآية نزلت بعد الآية التي بعدها في التأليف .

{ والذان يأتيانها } يعني الفاحشة { منكم } من الرجال ، { فآذوهما } أي : بالألسنة { فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان توابا رحيما } . ثم نزلت هذه الآية { فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا } . ثم نزل في سورة النور : { الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة } [ النور : 2 ] . وهذا تفسير الحسن .

وقال غيره : { فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا والذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان توابا رحيما } قال : كان هذا بدء عقوبة الزنا . كانت المرأة تحبس ، ويؤذيان جميعا بالقول والشتيمة ، قال : { حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا } . فجعل سبيلهن الجلد والرجم : إن كانا محصنين رجما ، وإن كانا غير محصنين جلد كل واحد منهما مائة جلدة .

قال الحسن : إن جاء الشهود الأربعة جميعا أقيم بشهادتهم الحد ، وإن جاءوا مفترقين جلد كل إنسان منهم جلد القاذف ثمانين .

ذكر عكرمة عن ابن عباس قال : لا يقام الحد حتى يشهدوا أنهم رأوه يدخل كما يدخل المرود في المكحلة .

قوله : { إنما التوبة على الله } أي إنما التجاوز من الله { للذين يعملون السوء بجهالة } ذكر بعض العلماء قال : كل ذنب أتاه عبد فهو بجهالة . قال : { ثم يتوبون من قريب } أي : ما دون الموت؛ يقال : ما لم يغرغر بنفسه . { فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما } .

قال الحسن : نزلت هذه الآية في المؤمنين : ثم ذكر الكفار فقال : { وليست التوبة للذين يعملون السيئات } يعني الشرك بالله { حتى إذا حضر أحدهم الموت } عند معاينة ملك الموت قبل أن تخرج نفسه من الدنيا { قال إني تبت الآن } أي رجعت الآن { ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما } .

قال الحسن : لا يقبل إيمان الكافر عند الموت ولا توبته ولا توبة صاحب الكبائر .

ذكروا عن الحسن أنه قال : قال رسول الله A : « ألا إن الصلوات الخمس ، والجمعة إلى الجمعة ، كفارة لما بينهما لمن اجتنب الكبائر » .

ذكروا عن الحسن قال : إن إبليس لما أهبط إلى الأرض قال : وعزتك لا أفارق ابن آدم ما دام روحه في جسده ، فقال الله : وعزتي لا أمنعه التوبة ما لم يغرغر بنفسه .

ذكروا عن ابن عباس أنه قال : كل ذنب أقام عليه العبد حتى يموت فهو كبيرة . قال : وكل ذنب تاب منه العبد قبل أن يموت فليس بكبيرة .

صفحہ 218