80
{ وقالوا لن تمسنا النار } كناية عن دخولها { إلا أياما معدودة } أى قليله ، وكان الحساب فى العرب عزيزا ، فصاروا يعبرون عن القليل بالعدد ، لا يألفهون عد الكثير وقوانين الحساب ، والقائلون لن تسمنا النار إلا أياما معدودة يهود المدينة ، وهم نشأوا على العربية ، وكلامهم فيها حجة ، فقالوا معدودة مكان قليلة ، وهى مقدار عبادة أبائهم العجل أربعين ، زعموا أن الأربعين مدة جعلها الله عذابا لآبائهم ولهم ، وقال من قال : نعذبه سبعة أيام عدد الأسبوع ، وأنه سبعة آلاف سنة ، رجع إلى سبعة أيام ، يوم مكان ألف سنة { قل أتخذتم } بهمزة مفتوحة ثابتة وصلا ، حتى إنه نقل فتحها اللام فيه ووقفا للاستفهام الإنكارى أو التقريرى على معنى التخطئة ، فهو فى معنى التوبيخ ، أو نزلة منزلة الاستفهام الحقيقى { عند الله عهدا } علما يوثق به أنكم تعذبون أياما معدودة { فلن يخلف الله عهده } عطف على مدخول الهمزة ، كقوله تعالى { أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه } وقوله تعالى : { أفمن وعدناه وعدا حسنا ، فهو لاقيه } وذلك بمرتبة المضارع المنصوب فى جواب الاستفهام ، إلا أن النصب هنا بلن ، كأنه قيل ، اتخذتم عند الله عهدا فيوفى لكم به ، وينصب يوفى ، ولا حاجة إلى تقدير الشرط هكذا : إن اتخذتم عند الله فلن يخلف الله عهده ، بمعنى أى هذين واقع اتخاذكم العهد أم قولكم على الله ما لا تعلمون ، خرج ذلك مخرج للتردد فى تعيينه على سبيل التقرير . والنبى A عالم بوقوع أحدهما ، وهو قولهم بما لا يعلمون على التعيين { أم } متصلة عطفت جملة ، لأنه تعطف المفرد والجملة ، أو حرف ابتداء منقطعة بمعنى بل ، وهمزرة الإنكار . وهكذا ما أشبهه ، والمنقطعة حرف ابتداء وإضراب ، وتقدر ببل والهمزة ، أو بل أو بالهمزة ، وإذا كان الاستفهام بعدها فبمعنى بل فقط ، وإذا لم تصلح بل وحدها حمل الكلام على آلهتكم إن قدرت ، كقوله تعالى { أم كنتم شهداء } أى بلى كنتم شهداء ، فإنهم لم يكونوا شهداء ، أو يقدر ، بل تقولون عل مقتضى دعواكم ، أنكم كنتم شهداء . { تقولون على الله ما لا تعلمون } بل أنتم فيه جاهلون من دعوى الخروج من النار ، وتقليل المدة .
صفحہ 95