49
{ وإذ نجينكم } واذكروا إذ نجيناكم ، بإنجاء آبائكم ، واذكروا نعمتى وتفضيلى ووقت إنجاء آبائكم { من ءال فرعون } أتباع فرعون فى دينه ، وهو الوليد بن مصعب بن ريان عمر أكثر من أربعمائة سنة ولقبه فرعون ، والفرعنة الدهاء والمكر ، كذا قيل ، ولعله تصرف بالعربية من لفظ عجمى لا عربى ، بدليل منعه من الصرف ، فإنه لا علة فيه مع العلمية سوى العجمة التى ندعيها ، وهو من ذرية عمليق بن لاود بن إرم بن سام بن نوح ، وألف آل عن هاء أهل ، والمعنى واحد فيصغر على أول ، ونقله الكسائى نصا عن العرب وهن أبى عمر ، غلام ثعلب ، الأهل القرابة ، ولو بلا تابع والآل بتابع { يسومونكم } يولونكم على الاستمرار { سوء العذاب } ضر العذاب ومرارته ، والعذاب السوء الأشد ، صنف يقطع الحجارة من الجبل ، وهم أقواهم ، وصنف ينقلها ، والطين للبناء ، وصنف يضربون اللبن ، ويطبخ الآجر ، وصنف للنجارة بالنون ، وصنف للحدادة وصنف يضرب الجزية ، وهم الضعفاء ، كل يوم من غربت عليه الشمس ولم يؤدها غلت يده لعنقه شهرا ، وصنف لغزل الكتان ونسجه ، وهن النساء ، ومن سوء العذاب تذبيح الأبناء كما قال الله تعالى { يذبحون أبناءكم } وقد ذكر أنواع السوء إجمالا مع الذبح فى قوله تعالى ويذبحون بالواو وأما هنا فالمراد ذلك ، أو المراد بسوء العذاب خصوص التذبيح ، ولا منافاة لأنه لم يحصره فى لاذبح ، بل ذكر فى موضع الامتنان ما هو أشد ، مع أنه لا مانع من إرادة العموم هنا أيضا بسوء العذاب ، إلا أنه ميز بعضا فقط ، كأنه قيل منه تذبيح الأبناء ، ذبح إثنى عشر ألف اين ، أو سبعين ألفا ، غير ما تسبب لإسقاط أمه ، فإن أسقطت ذكرا ذبحه ، والتحقيق أن سوء العذاب أعم ، فذكر التذبيح تخصيص بعد تعميم ، أو المراد ما عدا التذبيح ، وجملة يذبحون حال ، وعلى أن المراد بسوء العذاب التذبيح تكون مفسرة { ويستحيون نسآءكم } يبقونهن حيات ، أو يعالجون حياتهن إذا أسقطهن ، أو النساء البنات الصغار ، يبقونهن بلا قتل ، وإن كان السقط بنتا عالجوا حياتها ، أو المراد عموم ذلك كله { وفى ذلكم } المذكور من سوء العذاب إجمالا والتذبيح خصوصا { بلآء من ربكم عظيم } امتحان أو فى ذلكم الإنجاء إنعام ، أو فى ذلك الإنجاء ، وسوء العذاب والذبح ابتلاء ، أتصبرون وتشكرون ، أم تجزعون ، والله عالم ، قال الله تعالى { ونبلوكم بالشر والخير } { فأما الإنسان إذا ما ابتليه ربه فأكرمه ونعمه ، وأما إذا ما ابتليه فقدر عليه رزقه } رأى فرعون فى النوم نارا أقبلت من بيت المقدس ، وأحاطت بمصر وأحرقت كل قبطى بها ولم تتعرض لنبى إسرائيل ، فشق ذلك عليه ، وسأل الكهنة ، فقالوا له : يولد فى بنى إسرائيل من يكون سببا فى ذهاب ملكك ، فأمر بقتل كل غلام فيهم ، وأسرع الموت فى شيوخهم ، فجاء رؤساء القبط وقالوا أنت تذبح صغارهم ، ويموت كبارهم ، ويوشك أن يقع العمل علينا ، فأمر بالذبح سنة والترك أخرى ، فولد هارون سنة ترك الذبح ، وموسى سنة الذبح .
صفحہ 60