234

تفسير اطفيش

تفسير اطفيش

اصناف

200

{ فإذا قضيتم منسككم } عباداتكم الحجية ، من وقوف بعرفات ، والمزدلفة ، والذكر فيهما ، ورمى العتبة ، والحلق ، وطواف الزيارة ، والسعى ، وإستقررتم بمنى ، ويجوز تأخير الطواف والسعى عن أيام منى { فاذكروا الله } بالتكبير والثناء ، وبالغوا فى الذكر بالكيفية ولو أمروا بالإكثار أيضا ، { كذكركم ءاباءكم } كما تبالغون فى كيفية ذكر آبائكم عند المفاخرة فى منى ، بين الجبل والمسجد ، كانوا يعتادون ذلك فى جميع يومهم ، ويذكرون محاسن حروبهم ، رواه ابن جرير وغيره ، والآية تلويح إلى جعل ذكر الله مكان ذكر الآباء والحروب وإلى ترك ذكرها { أو أشد ذكرا } أو كونوا أشد ذكرا لله منكم لآبائكم ، أو عطف على الكاف ، أو على ثابتا ، أى فاذكروا الله ذكرا مثل ذكر آبائكم ، أو ذكرا كذكر آبائكم ، فيكون ذكرهم ذاكرا ، كقولهم شعر شاعر بتنوين شعر ، وصومه صائم من المجاز العقلى ، والفتح نصب ، ويجوز عطفه على ذكر ، فالفتح جر ، وإذا جعلنا ذكرا مصدرا من المبنى للمفعول لم يكن من المجاز العقلى ، أو معطوف ، وأشد حال منه بخلاف أشد ، فإنه على كل حال من فعل مبنى للفاعل ولا تهم ، ويجوز تقدير أو كذكر قوم أشد ذكرا منكم ، واختار أبو حيان ، أن أشد حال من ذكرا بعده ، ووجهه أن قوله اذكروا الله كذكركم آباءكم ، أو ذكرا أشد منه أبلغ من قوله اذكروا الله ذكرا كذكركم آباءكم أو أشد وليس فى إعراف أبى حيان طلب حالية الذكر ، بل فيه طلب الذكر بقيد أن يكون أشد { فمن الناس من يقول } تفريع على قوله ، فاذكروا الله ، وهذا تفصيل بالجملة بعد الفاء لا بالفاء ، فقد تكون الفاء تعليلا ، لقوله ، فاذكرو الله ، أى لأن الناس بين مقل ومكثير ، ومصيب فى ذكره ومخطىء فى منى ، فكونوا من المكثرين المصيبين فيها ، لأن من الذاكرين من يقلل ويخطىء ، وهو من يقتصر على الدنيا فى دعائه { ربنآ ءاتنا فى الدنيا } مالا وولدا وجاها ونحو ذلك أو بعض ذلك ، ومتاع الدنيا كله قليل ولا يدعو لآخرته فقد يؤتى ما يدعو به وقد لا يؤتاه { وما له فى الآخرة } بعد الموت من الجنة { من خلق } نصيب لأنه لم يتعرض له فى الدنيا ، ولا يطلق خلاق إلا على نصيب الخير ، وسمى خلاقا لأنه خلق له ، كما سمى نصيبا لأنه نصب له ، أو ما له فى ذكره ودعائه نصيب يدعو به لآخرته ، أى وما له فى شأن آخرته نصيب من دعائه .

صفحہ 234