223

تفسير اطفيش

تفسير اطفيش

اصناف

191

{ واقتلوهم حيث تقفتموهم } أخذتموهم وظفرتم بهم ، أو أدركتموهم قادرين عليهم ، ولو لم يبتدئوكم بالقتال ، لا عند المسجد الحرام فحتى يبدأوكم ، كره المسلمون القتال فى الشهر الحرام والبلد الحرام فأباحه الله لهم به { وأخرجوهم من حيث أخرجوكم } موضع الإخراج ، وهو مكة ، وسمى التسبب فى الإخراج إخراجا لأن أهل مكة ضيقوا على المسلمين بالضرب والحبس ، وإرادة ذلك وإرادة التقل والمنع عن دين الله فخرجوا لذلك ، وكذا فى قوله « من قريتك التى أخرجتك » أى أخرجك أهلها ، على حذف مضاف ، أو أسند الإخراج إليها لحلولهم فيها ، ثم إن الإخراج منهم أيضا مجاز ، وقد أخرجهم المسلمون يوم الفتح ، وقتلوا من قتلوا ، أحلت ساعة من نهار ، وكان فيها قتل لبعضهم ، وبعد الساعة أمروا بالإخراج ، أمرهم الله بقتل من أمكن وإخراج من لم يقتل بحسب الإمكان { والفتنة } الامتحان بالبلية أو نفس البلية ، إذ من شأنها أن يمتحن بها أو أن يعامل معاملة الامتحان بها ، وذلك كالإخراج من الوطن :

لقتل بحد السيف أهون موقعا ... على النفس من قتل بحد فراق

والحمل على الشرك ولا سيما فى الحرم ، فإن الإشراك فتنة للباقى عليه ولغيره ، وكالصد عن دين الله ، وعن المسجد الحرام ، وكنفس الإشراك ، فإنه يؤدى إلى الظلم والفساد وإشراك الإنسان أشد علي مضرة فى الدنيا والآخرة من القتل ، ولا تتركوا قتلهم للبلد الحرام والشهر الحرام فإن شركهم فيها أقبح ، إن ظهر لكم أن القتل فيها قبيح كما قال { أشد من القتل } لاستمرار ضرر الإخراج ونحوه من المضار كمداومة الضرب والشتم ، ولا يخفى أن شركهم أعظم من القتل لهم فى الحرم والإحرام ، أو القتل لهم فيه الذى استعظموه من المسلمين وأعظم من قلتهم المسلمين مطلقا { ولا تقتلوهم } أى لا تقاتلوا المشركين ابتداء وصيغة التفاعل لكون البد يتتبع قتالا ، والمعنى لا تقتلوهم { عند المسجد الحرام } أى فى الحرم { حتى يقتلوكم } يبتدئوكم بالقتال { فيه } أى فى المسجد الحرام ، أى فى الحرم ، وذلك أن عند لموضع الحضور وسائر الحرم حاضر للكعبة منه ، ولكم قتالهم فى غير الحرم ولو لم يبدأوكم { فإن قتلوكم } فيه بدأوكم بهيئة القتل وقع القتال أم لم يقع { فاقتلوهم } فيه ، وفى غير اقصدوا قتلهم وعالجوه ، ولو أبى عليهم كلهم ، ولم يقل فقاتلوهم كما هو مقتضى الظاهر مبالغة ووعدا لهم بالنصر ، ونسخ تحريم القتال إلا إن بدأوا به بقوله تعالى { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة } وبقوله تعالى « واقتلوهم حيث ثقفتموهم » على قول بتأخير نزولة عن قوله تعالى « ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام » وبقوله تعالى { واقتلوا المشركين كافة } أى لا يقيد القتال فى الحرم بدءا ، أى الآى نزلت أولا ، فهى الناسخة وما بعدها تقرير لها ، والكل مناف لحكم المنسوخ { كذلك } الذى تفعلون بهم من الإخراج لهم من حيث أخرجوكم وقتلهم حيث ثقفتموهم { جزآء الكفرين } المذكورين فالظاهر فى موضع المضمر للتصريح بموجب الجزاء ، وهو الكفر والجنس فيدخلون أولا وبالذات .

صفحہ 223