128
{ ربنا } تأكيد للأول ، أو استجب دعاءنا يا ربنا { واجعلنا مسلمين لك } منقادين إليك أو مخلصين لك أعمالنا { ومن ذريتنا أمة } واجعل من ذريتنا أمة { مسلمة لك } طلب البعض لعلمه من قوله { ولا ينال عهدى الظالمين } أى من ذريته من لا يكون مسلما لله ، واختار الذرية لأنها أحق بالشفقة ، وأنذر عشيرتك الأقربين ، قوا أنفسكم وأهليكم نارا . ولم يلغ غيرهم ، لأن صلاح بعض الذرية صلاح لغيرهم من الأتباع ، وقد أوقع الله ذلك ، فأخبر به نبيه A إذ قال ، ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين ، ومن ذلك البعض أمة رسول الله A المجيبة المخلصة العربية التى من نسل إبراهيم ، وأما غيرهم فتبع لهم { وأرنا مناسكنا } علمناها ، وهى شرائع ديننا ، أو مناسك الحج ومنها الذبح ، أو بصنا مواضعها ، ومنها مواضع الذبح ، وأصل النسك العبادة الشاقة ، ثم خص بالحج لمشقته ، وربما خص بعده بالذبح ، وموضع الكعبة قبل الأرض بألفى عام ، زبدة بيضاء ، وبسطت الأرض من تحتها ، واستوحش آدم ، وشكا إلى الله D فأنزل عليه البيت المعمور ، ياقوتة من الجنة ، لها بابان من زمرد أخضر ، باب غربى ، وباب شرقى فى موضع الكعبة ، وقال : طف وصل عنده كعرشى ، وأنزل عليه الحجر الأسود . فحج آدم من الهند ماشيا ، معه ملك يدله ، واستقبلته الملائكة أربعين فرسخا ، وقال له الملائكة بر حجك يا آدم ، وقالوا ، حقا لما قد تستعظم النفس من عبادتها ، لقد حججناه قبلك بألفى عامن وزاد بعد ذلك تسعا وثلاثين حجة من الهند ماشيا ، ورفع فى عهد آدم إلى السماء الرابعة ، وبنى الكعبة فى موضعه ، وقيل ، رفع فى الطوفان ، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ، ولا يعودون إليه ، وأمر الله D جبريل عليه السلام أن يخبىء الحجر فى أبى قبيس صيانة من الغرق ، وبقى البيت خرابا إلى أن أمر الله إبراهيم ببنائه ، وبناه ورد إليه الحجر ، وقد أمره الله جل جلاله الملائكة أن يتوافى كل سماء وأرض بيتا على مست الكعبة .
روى أن الأرض انشقت إلى منتهاها ، وقذفت الملائكة حجارة كالإبل ، أو كأسنتها ، خضراء ، وبنوا البيت عليها ، ثم بناه آدم لطول عهده من حين بنوه ، فتلك التى بنى عليه إبراهيم أظهره الله ، فذلك بناءان ، ثم شيث ، ثم إبراهيم ، ثم العمالقة ، ثم الحارث بن مضاض الجرهمى ، ثم قصى جد النبى A ، ثم قريش ، لضعفه بالسيل ، وحضره A ابن خمس وثلاثين ، ثم عبدالله ابن الزبير ليدخل فيه الحطيم على أصله مع ضعفه بحجارة المنجنيق ، إذ حاصره الحجاج ، حفر إلى حجارة الملائكة وبنى منها ، وإذا ضرب المعول فيها تحركت كلها وسائر الأرض القريبة ، وجعل لها بابا تحت الموجود الآن ، وبابا مقابلا له من جهلة الركن اليمنى ، ملتصقين بالأرض ابتداء فى جمادى الأخيرة ، وختم فى رجب سنة خمس وستين ، وذبح مائة بدنة للفقراء ، وكساهم ، وهدمه الحجاج كله وبناه ، وأخرج الحطيم ، وقيل ، هدم الحجر القرامطة ، وأخذوا الحجر ، وقتلوا من وجدوا من المسلمين ، ثم رد بعد مدة طويلة ، وبنى ما هدموا ، وبنى فيه بعض الملوك سنة ألف وتسع وثلاثين ، وهو من حجارة خمسة أجبل ، طور سيناء ، وطور زيتاء ، ولبنان بالشام ، والجودى بالجزيرة ، وقواعده من حراء بمكة { وتب علينا } فيما فرط منا من ترك ما هو أفضل إلى ما دونه ، وذلك ما ليس بمعصية فى حق غير الأنبياء ، كنوم أكثر الليل ، وكما يكون من طبع البشر ، كعجب ضرورى بنفيانه ، وكالانتقام الجائر ، ونحو ذلك مما ليس ذنبا فى حق الناس ، وفعلاه عمدا أو سهوا أو نسيانا أو ذلك هضم ، أو تعليم للتوبة ، أو استتابة لذنوب ذريتهما ، وأضافا لأنفسهما مبالغة ، أو يقدر ، وتب على ذريتنا ، أو إجراء للولد مجرى النفس لعلاقة البعضية ليكون أقرب للإجابة والمعنى ، أقبل توبتنا ، وتوبة العامة الندم عن المعصية وإصلاح ما فسد ، أو العزم على إصلاحه إن لم يمكن فى الحال ، وتوبة الخواص الندم عن المكروه والتقصير والكسل فى العبادة ، وتوبة خواص الخواص الترقى فى الدرجات ، وهما عليهما السلام من الثالث ، أو يخافان أن يكونا من الثانى ، ويجوز أن يقدر ، وتب على عصاتنا أو أراد المجموع ، فيرجع الكلام إلى العصاة { إنك أنت التواب } لمن تاب { الرحيم } به ، كالحجة ، لقولهما ، تب علينا ، وقد مر أن توبة الله التوفيق إلى التوبة ، أو قبوله التوبة .
صفحہ 148