7
{ ختم الله على قلوبهم } لم يوفقهم ، سمى القلب قلبا لتقلبه ، روى البيهقى عن أبى عبيدة بن الجراح عن رسول الله A : قلب ابن آدم مثل العصفور ، يتقلب فى اليوم سبع مرات ، وليس المعنى فى الآية الإجبار ، جل الله شبه الخذلان بالربط أو الإعلاق على شىء حتى لا يدخله غيره ، فقلوبهم من حيث عدم نفوذ الحق إليها واستقراره فيها كالخابية والخريطة المختوم عليهما ، وهذا تصوير للمعقول بصورة المحسوس للإيضاح ، وكذا الختم فى قوله { وعلى سمعهم } أي آلات سمعهم ، فلذلك لا ينتفعون بما سمعوا من الحق ، قال A : إذا أذنب العبد ضم من قلبه هكذا ، فضم خنصره ، وإذا أذنب ضم من قلبه هكذا ، وضم التى تليها ، وهكذا إلى الإبهام . والمراد بالقلوب هنا الجسم اللطيف القائم بالقلب ، الكثيف الصنوبرى الشكل قيام العرض بالجسم ، وقيام الحرارة فى الوقود ، والبرودة بالماء ، وبهذا اللطيف يحصل الإدراك وترتسم المعرفة ، وكذا الأسماع يقوم بصماخها جسم لطيف يدرك الأصوات ، { وعلى أبصرهم غشاوة } غطاء عظيم ، كأنه لا يرون بها ، فيستدلون بما يرون على قدرة الله ، لما لم ينتفعوا فى الدين بالنظر بها كانوا كمن جعل على بصره غشاوة ، وفى ختم استعارة تصريحية تبعية . وفى غشاوة تصريحية أصلية ، أو الاستعارة تمثيلية ، شبه قلوبهم وأسماعهم وأبصارهم وأحوالهم المانعة من الانتفاع بأشياء معدة للانتفاع ، منع مانع من الانتفاع بها { ولهم } على كفرهم { عذاب عظيم } عظم شدة وأنواع ودوام ، ولم يعطف إن الذين كفروا لأن المراد ، والله أعلم ، استئناف بيان أن عدم اهتداء الأشقياء لسبق شقوتهم وبيان مقابلتهم بإصرارهم لمن اتصف بالكمال ومضاتدتهم ، لا لقصور فى القرآن عن البيان ، فإنه غاية فى البيان ، وإنما ضلوا باختيارهم للسوء ، كما قال قائل :
والنجم تستصغر الأبصار رؤيته ... والذنب للطرف لا للنجم في الصغر
صفحہ 14