74

تفسير صدر المتألهين

تفسير صدر المتألهين

اصناف

أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه

[الزمر:22].

ووجه انحصار مراتب الهدى في الثلاث: ان كل مقام من مقامات الايمان ومنزل من منازل السالكين ينتظم من أمور ثلاثة: أعمال، وأحوال، وأنوار هي معارف. ولا بد لكل منها من هداية تخص به.

وأما الرشد، فيعني به العناية الإلهية التي تعين الإنسان عند توجهه إلى مقاصده فيقويه على ما فيه صلاحه، ويفتره عما فيه فساده، ويكون ذلك من جانب الباطن كما قال تعالى:

ولقد آتينآ إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين

[الأنبياء:51]. فالرشد عبارة عن هداية باعثة الى جهة السعادة، محركة للعبد إياها، فهو بهذا الاعتبار أكمل من مجرد الهداية الى وجوه الأعمال، وكم من مهتد غير رشيد، فهي نعمة عظيمة.

وأما التسديد؛ فهو توجيه حركاته الى صوب المطلوب، وتيسيرها عليه ليشتد في صوب الصواب في أسرع وقت، فكما أن أصل الهداية لا يكفي، بل لا بد من هداية محركة للداعية، وهي الرشد، فكذا الرشد، لا يكفي، بل لا بد من تيسير الحركات بمساعدة الآلات حتى يتصل بما انبعثت الداعية إليه، فالهداية محض التعريف، والرشد هو تنبية الداعية لتستيقظ وتتحرك، والتسديد إعانة ونصرة بتحريك الأعضاء في صوب السداد.

وأما التأييد؛ فكأنه جامع للكل، وهو عبارة عن تقوية أمره بالبصيرة من داخل، وتقوية البطش ومساعدة الأسباب من خارج، وهو المعني بقوله تعالى:

إذ أيدتك بروح القدس

[المائدة:110].

نامعلوم صفحہ