196

تفسير صدر المتألهين

تفسير صدر المتألهين

اصناف

ويدخل فيه العلم بالله وبصفاته، والعلم بالآخرة، وبالنبوة، وبالشرائع والأحكام. وسبب كون العلم به مدحا للمؤمنين، أن في تحصيل هذه العلوم بالاستدلال مشقة، فيصلح أن يكون سببا للثناء والتعظيم.

أقول: وفيه ما لا يخفى من التعسف، لما علمت من أن اصل الإيمان الحقيقي نور من أنوار الله الفائضة على باطن الإنسان، وهو كمال حقيقي وسعادة حقيقية يوجب الثناء، لا لأن في تحصيل العلوم المتعلقة بها مشقة، بل لأنه الغاية التي لأجلها خلق الإنسان بل بني العالم والأكوان، وما يترتب عليه من الأجر والثواب مما لا يسع في الميزان ولا يحويه الحساب، يوم يقوم الناس لرب العالمين، بخلاف ثواب الأعمال وميراث الأفعال، فإن لها حدا معدودا، وثوابا معلوما، وقدرا موزونا يشاهده كل أحد في ذلك اليوم.

ظلمات وهمية تزاح بأنوار عقلية

إن القائلين بالقول الأول احتجوا بوجوه:

الأول: إن قوله:

والذين يؤمنون بمآ أنزل إليك ومآ أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون

[البقرة:4] فيه ايمان بالأشياء الغائبة، فلو كان المراد من قوله { يؤمنون بالغيب } ، هو الإيمان بالأشياء الغائبة، لكان المعطوف عين المعطوف عليه، وأنه غير جائز.

الثاني: إنه لو حملناه على الإيمان بالغيب، يلزم القول بأن الإنسان يعلم الغيب وهو خلاف قوله:

وعنده مفاتح الغيب لا يعلمهآ إلا هو

[الأنعام:59]. وكذا الآيات النافية لكون الإنسان عالما بالغيب، أما لو فسرناه بما قلنا، فلا يلزم هذا المحذور.

نامعلوم صفحہ