لم يلد ولم يولد
[الإخلاص: 3] ولم يتخذ صاحبة ولا ولدا { وإن الله } الحق الحقيق بالحقية، المتصف بالديمومية، المتحد بالقيومية { لهو العزيز } الغالب القادر، القاهر للأغيار مطلقا { الحكيم } [آل عمران: 62] في إظهارها على مقتضى إرادته واختياره.
{ فإن تولوا } أعرضوا عن الحق بعدما ظهر دلالته وشواهده أعرض عنهم ولا تجادل معهم { فإن الله } المنتقم لمن أعرض عن سبيله { عليم بالمفسدين } [آل عمران: 63] الذين يفسدون في الأرض بإفساد عقائد ضعفاء العباد بالإعراض عن طريق الحق، والإلحاد عن الصراط المستقيم.
[3.64-66]
{ قل } لهم يا أكمل الرسل إمحاضا للنصح كلاما صادرا عن لسان الحكمة والتوحيد خاليا عن وصمة الغفلة والتقليد: { يأهل الكتاب } الذين يدعون الإيمان بتوحيد الله وكتبه ورسله { تعالوا } هلموا نتفق ونرجع { إلى كلمة } حق صحيحة { سوآء } حقيتها وصحتها { بيننا وبينكم } مسلمة ثبوتها عندنا وعندكم بلا خلاف منا ومنكم، وهي { ألا نعبد إلا الله } المعبود بحق، المستحق للعبادة بالأصالة { ولا نشرك به } في عبادته { شيئا } من مصنوعاته { و } أيضا { لا يتخذ بعضنا بعضا أربابا } واجب الإطاعة والانقياد { من دون الله } المتوحد بالألوهية، المنفرد بالمعبودية، وإن قبلوا ما قلت لهم عليه وانقادوا وأطاعوا فقد آمنوا { فإن تولوا } أعرضوا عن الكلمة الحقة المسلمة المتفقة عليها { فقولوا } إلزاما وتبكيتا { اشهدوا } أيها المنكرون الكافرون { بأنا } لا أنتم { مسلمون } [آل عمران: 64] موحدون، مؤمنون منقادون.
ثم قل لهم إلزاما: { يأهل الكتاب لم تحآجون } وتجادلون { في } شأن { إبراهيم } بأنه يهودي أو نصراني { و } الحال أنه { مآ أنزلت التوراة } المبين لليهودية { والإنجيل } المبين للنصرانية { إلا من بعده } بمدة متطاولة { أفلا تعقلون } [آل عمران: 65] أنتم أيها الكافرون المكابرون في هذه الدعوى.
{ هأنتم } أيها الحمقى العميان في أمور الدين { هؤلاء } الضالون المصرون على الكفر والعناد { حاججتم } جادلتم { فيما لكم به علم } مذكور مثبت في كتابكم من بعثه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وأوصافه فتغيرونه وتحرفونه عنادا بعدما ظهر عندكم حقيته { فلم تحآجون فيما ليس لكم به علم } مثبت مذكور في كتابكم من يهودية إبراهيم ونصرانيته، فتفترون وتنسبون إلى كتباكم ما لم يذكر فيه؛ مكابرة وعنادا { والله } المطلع لضمائركم { يعلم } ما حرفتم وما افتريتم ويعاقب على مقضتى علمه { وأنتم لا تعلمون } [آل عمران: 66] ولا تعتقدون بعلمه على ما فرطتم فيه.
[3.67-71]
ثم قال سبحانه: { ما كان إبراهيم يهوديا } لأن موسى إنما جاء بعده بألف سنة { ولا نصرانيا } لأن عيسى عليه السلام إنما جاء بعده بألفي سنة { ولكن كان حنيفا } مائلا عن إفراط اليهود والنصارى في عزير وعيسى وتفريطهم في إنكار سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم { مسلما } منقادا معتدلا، مستويا على صراط التوحيد { وما كان من المشركين } [آل عمران: 67] الضالين عن طريق الحق بنسبة الحوادث إلى الأسباب والوسائل.
{ إن أولى الناس بإبراهيم } وأقربهم دينا، وأولاهم محبة ومودة { للذين اتبعوه } من أمته، وتدينوا بدينه، وامتثلوا بما جاء به من عند ربه { وهذا النبي } المبعوث من شيعته، المنتسب إلى ملته، المنشعب من أهل بيته وزمرته { والذين آمنوا } بهذا النبي، وبما جاء به من الكتاب الناسخ للكتب السافلة، المبين لطريق التوحيد الذاتي { والله } الهادي لعباده إلى جادة توحيده { ولي المؤمنين } [آل عمران: 68] الموحدين الذين يريدون وجه الله في جميع حالاتهم، يولي أمور دينهم بحيث لا يشغلهمه عن التوجيه إليه مزخفات الدنيا الشاغلة عن المولى.
نامعلوم صفحہ