500

ألا أن أولياء الله

لا خوف عليهم ولا هم يحزنون

[البقرة: 274].

خاتمة السورة

عليك أيها السالك المراقب لاعتدال الأطوار والأخلاق والأعمال، وجميع الشئون والأحوال المتعلقة بنشأتي الدنيا والعقبى، أن تراجع ذوقك ووجدانك في جميع ما جرى عليك من الأحوال، وتتأمل فيها حق التأمل إلى أن تطلع بمبدئه ومنشئه، ثم تتفكر في صدوره، هل هو على مقتضى الاعتدال والقسط الإلهي، أم على مقتضى الهوى الغالب الذي هو من جنود الأمارة المستمدة عن إغواء الشيطان وإغرائه؟.

فإنه وجدته على مقتضى القسط الإلهي والعدل الجبلي، فطوبى لك، وإن وجدته القالعة لعرق الأماني، والمرادات المتعلقة بمستلذات الدنيا الفانية، وتواظب على أشق الطاعات وأتعب العبادات من صيام الأيم، ومشي الأقدام، وانقطاع صحبة الأنام، والاعتزال بين الجبال والآجام، والعكوف في الخلوات، والاشتغال بالميل والصلوات المقربة نحو الحق؛ حتى تعتدل أوصافك وأخلاقك، وتستقيم أفعالك وأحوالك، فحيئذ انكشف لك باب التوحيد، وانغلق عليك مداخل الرياء والسمعة والعجب، وأنواع الكدورات اللاحقة من الخلطة والمؤانسة مع الناس، والمصاحبة معهم المكدرة لصفاء شرب التوحيد.

واعلم يا أخي أن أرباب المحبة الكاملة والولاء التام، هم الذين يبذلون مهجهم في سلوك سبيل الفناء بلا التفات منهم إلى أحد من الناس، لا خيرا ولا شرا، ولا نفعا ولا ضرا، بل هم من كمال حيرتهم واستغراقهم في مطالعة جمال الله وجلاله لا يلتفتون إلى نفوسهم، فكيف إلى غيرهم؟!.

ولا يتيسر لك هذا إلا بتوفيق إلهي وجذب من جانبه، وبمتابعة حبيبه صلى الله عليه وسلم في أطواره وأخلاقه وجميع سننه وآثاره، وبملازمة خدمة مرشد كامل، منبه نبيه، يوقظك من منام غفلتك، ويرشدك إلى منتهى مقصدك وقبلتك.

رب هب لي من لدنك حكمة وحكما، وألحقني بالصالحين.

تم الجزاء الثاني من تفسير القرآن الشريف لحضرة سلطان الأولياء على الإطلاق سيدي وسندي السيد الشيخ أبي محمد عبد القادر الجيلاني الشهير الذي ارتفع قدره وسما ذكره، رضي الله عنه وأرضاه.

نامعلوم صفحہ