305

{ لو ما } أي: هلا { تأتينا بالملائكة } المنزلين إليك { إن كنت من الصادقين } [الحجر: 7] في دعواك حتى نراهم ونسمع قولهم، مثل رؤيتك إياهم.

قل لهم يا أكمل الرسل نيابة عنا: { ما ننزل الملائكة } لكل واحد من البشر، بل لمن نؤتى الحكمة منه له في أصل فطرته واستعداده، وهم الأنبياء والرسل المأمورون بالإرشاد والتكميل، وماننزلهم { إلا } تأيددا لهم ملتبسا { بالحق } أي: بالدين الثابت المطابق للواقع؛ ليتدين بدينهم من يتبعهم، ويؤمن لهم إطاعة وانقيادا، ولو اطلع الكل على نزولهم، ورأوا صورهم لبطل حكمة الإطاعة والإرسال والتكميل؛ إذ الكل في الرشد والهداية على السواء حنيئذ { و } أيضا { ما كانوا إذا منظرين } [الحجر: 8] منتظرين إلى يوم الجزاء، إذ الكل ناجون مهديون في النشأة الأولى.

{ إنا نحن } بمقتضى حكمتنا { نزلنا الذكر } أي: الكتب على الأنبياء والرسل على وجه يعجز البشر عن إتيان مثله؛ لكون ألفاضه ومعلوماته، ونظمه واتساقه خارجة عن مقتضيات مداركهم وقولهم؛ لذلك ينسبون أكثر الأنبياء والرسل إلى الجنون والخبط { و } مع ذلك { إنا له لحافظون } [الحجر: 9] عن تحريف أهل الزيغ والضلال المنحرفين عن جادة التوحيد.

{ و } لا تحزن يا أكمل الرسل من استهزائهم معك وتكذيبهم، فإنهم من الديدنة القديمة بين أهل الضلال، فإنا { لقد أرسلنا من قبلك } رسلا حين شاع أنواع الفسوف والعصيان { في شيع الأولين } [الحجر: 10] أي: فئتهم وفرقهمز

{ و } هم من خمبث طينتهم، وشدة شكيمتهم وضغينتهم { ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون } [الحجر: 11] بأنواع الاستهزاء من نسبة الكذب والجنون، وأنواع العيوب.

{ كذلك نسلكه } وندخله { في قلوب المجرمين } [الحجر: 12] الذين تعلقت إرادتنا ومشيئتنا بإهلاكهم وتعذيبهم على مقتضى أوصافنا القهرية والجلالية.

[15.13-25]

لذلك { لا يؤمنون به } أي: بالرسول المنزل إليهم { و } كيف يؤمن بك يا أكمل الرسل هؤلاء الكفرة؛ إذ { قد خلت } مضت { سنة الأولين } [الحجر: 13] أي: سنة الله في الكفرة الماضين، أو سنة كل فرقة من أسلافهم، وهم أيضا على أثرهم وطبقهم تقليدا لهم؟!.

{ و } من خبث طينتهم، وفسوقهم وغفلتهم { لو فتحنا عليهم } أي: على هؤلاء المستهزئين المنهمكين في الغي والضلال { بابا من السماء } على خلاف العادة ليؤمنوا بك وبدينك وكتابك { فظلوا فيه } وصاروا { يعرجون } [الحجر: 14] يصعدون منه نحو السماء، ويستوضحون ما فيها.

{ لقالوا } من شدة غيهم وضلالهم: { إنما سكرت } وحيرت { أبصارنا } بسحر محمد وتلبيسه، وإنما فعل بنا هذا؛ لنؤمن له، ونصدق قوله وكتابه، ونقبل دينه { بل } أمرنا كذلك بلا شك وتردد؛ إذ { نحن } بمشاهدة هذا الفتح والعروج { قوم مسحورون } [الحجر: 15] مغبوطون مخبوطون، لبس علينا الأمر هذا الشخص بالسحر والشعبذة.

نامعلوم صفحہ