190

وبالجملة: { فوقع الحق } وتحقق الإعجاز { وبطل ما كانوا يعملون } [الأعراف: 118] من السحر والشعبذة في مقابلته.

{ فغلبوا } أي: فرعون وملؤه { هنالك } في المجمع { وانقلبوا } أي: رجعوا منه { صاغرين } [الأعراف: 119] ذليلين محزونين بعدما خرجوا متكبرين مستغلبين.

{ و } بعدما شاهد السحرة من أمر موسى ما شاهدوا، وانكشفوا بحقيته وصدقه بحذب رقيق من جانب الحق، وإلهام تام منه سبحانه { ألقي السحرة ساجدين } [الأعراف: 120] متذللين، واضعين جباههم على تراب المذلة.

وحين سجدوا { قالوا } عن ظهر قلوبهم وكمال قبولهم: { آمنا } آيقنا وتحققنا { برب العالمين } [الأعراف: 121].

{ رب موسى وهارون } [الأعراف: 122] أي: الذي ادعى الرسالة منه، ودعوا الناس إلى الإيمان به والإطاعة له والتوجه نحوه.

ثم لما رأى فرعون سجود السحرة وسمع إيمانهم { قال فرعون } مغاضبا بهم مستفهما على سبي الإنكار والتهديد: { آمنتم به } أي: برب موسى وهارون { قبل أن آذن لكم } أي: قبل أن تشاوروا معي وتعترفوا عندي بغلبتهما عليكم، وقبل أن تستأذنوا مني بالإيمان، فظهر من صنعيكم هذا { إن هذا } أي: أمر موسى وهارون وادعاؤهما النبوة والرسالة { لمكر } حيلة وخديعة { مكرتموه } أنتم وموسى { في المدينة } أي: مصر { لتخرجوا منهآ أهلها } يعني القبط، وتستولوا أنتم وبنو إسرائيل على ملك مصر بهذه الخديعة { فسوف تعلمون } [الأعراف: 123] عاقبة أمركم وخداعكم.

{ لأقطعن } اليوم أولا على رءوس الأشهاد { أيديكم وأرجلكم من خلاف } متبادلتين { ثم لأصلبنكم أجمعين } [الأعراف: 124] زمانا كما يصل البغاة الذين خرجوا على أولي الأمر والإطاعة.

وبعدما سمع السحرة تهديده { قالوا } حين كوشفوا بمآل الأمر وشوهدوا بحقيقة الحال، مستطيبين مستنشطين فرحين: { إنآ } بعد خلاصنا من ربقة ناسوتنا وسلسلة إمكاننا { إلى ربنا } حسب حصة لاهوتنا وحظ وجوبنا { منقلبون } [الأعراف: 125] صائرون، راجعون رجوع الظل إلى ذي الظل.

[7.126-129]

{ وما تنقم منآ } أيها الطاغي المتجبر المتكبر وتنكر عليها { إلا أن آمنا } أيقنا وأذعنا { بآيات ربنا } الذي أظهرنا من كتم العدم، وربانا بأنواع اللطف والكرم { لما } أي: حين { جآءتنا } تلك الآيات، وانكشفنا بحقيتها بتوفيق منه وجذب من جانبه، ولو كوشفت أيضا بما انكشفنا، ارتفع غطاء التعامي وغشاوة الغفلة عن بصرك وبصيرتك، فتشهد بما شهدنا إلا أن الحق سبحانه ختم على قبلك وبصرك وسمعك بالغشاوة الغليظة والحجب الكثيفة؛ لذلك استكبرت واستنكرت، وبالجملة:

نامعلوم صفحہ