{ والذين آمنوا } بولاية الله وتوحيده { وعملوا الصالحات } على مقتضى ما أمر الله ويسره { سندخلهم } من فضلنا { جنات } متنزهات من العلم والعين والحق { تجري من تحتها الأنهار } أنهار الحقائق والمعارف والكشوفات والشهودات المتجددة بتجددات التجليات المترتبة على الأسماء والصفات الإلهية { خالدين فيهآ أبدا } على هذا المنوال { وعد الله } الذي وعده لخلص عباده { حقا } ثابتا في علمه الحضوري قبل خلقهم بمدة لا يعرفها إلا هو، فعليكم أيها المؤمنون أن تصدقوا وعده الثابت عنده { ومن أصدق من الله قيلا } [النساء: 122] فيصدقوه ويثقوا به.
واعلموا أن ما ينالكم، ويصل إليكم مما وعد لكم ربكم { ليس } وصوله وحصوله { بأمنيكم } أي: بمجرد أماني بلا قدم وسلوك { ولا أماني أهل الكتاب } أي: ليس ما ييصل إليهم بأمانيههم، فلا تخالفوا، وتنازعوا معهم، بل الأمور كلها إنما هي بمتقضى فضل الله وعدله وحسب توفيقه وتيسيره، وبالجملة: { من يعمل } منكم ومنهم { سوءا } بسوء به نفسه وغيره { يجز به } على مقتضى عدل الله عاجلا وآجلا { ولا يجد له من دون الله وليا } ينقذه من عذاب الله { ولا نصيرا } [النساء: 123] يحمل بعض عذابه تخفيفا له.
[4.124-126]
{ ومن يعمل من الصلحت } المأمورة كلها، أو بعضها سواء كان { من ذكر أو أنثى و } الحال أنه { هو مؤمن } بتوحيد الله وجميع كتبه ورسله { فأولئك } الصالحون الأمناء { يدخلون الجنة } المعدة لأهل الإيمان والصلاح { ولا يظلمون } ينقصون من جزاء ما عملوا { نقيرا } [النساء: 124] مقدار نقر النواة، بل يزدادون عليها ما شاء الله، لا حول ولا قوة إلا بالله.
{ ومن أحسن دينا } وأقوم سبيلا { ممن أسلم } أي: أسلم { وجهه } المفاض له من الله { لله } المفيض لوجوه الأشياء الموجودة { وهو } في حالة التسليم { محسن } مع الله مستغرق بمطالعة جماله { واتبع ملة إبرهيم } التي هي أقوم الملل وأحسنها؛ إذ هو { حنيفا } مائلا عن الأديان الباطلة، والآراء الفاسدة مطلقا { و } لذلك { اتخذ الله } المطلع لضمائر عباده { إبراهيم خليلا } [النساء: 125] كأنه تخلل فيه إلى حيث صار سمعه وبصره ويده ورجله على ما نطق به الحديث القدسي.
ولا يظن أنه تخلل فيه على وجه الحلول والاتحاد، بل على التوحيدج الصرف الخالي عن الكثرة مطلقا؛ إذ { ولله } الواحد الأحد الصمد، الذي
لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفوا أحد
[الإخلاص: 3-4] جميع { ما } ظهر { في السموت } أي: العلويات { وما } ظهر { في الأرض } أي: السفليات؛ إذ كل ما ظهر وما بطن فمنه بدأ وإلأيه يعود { وكان الله } االمتجلي في الآفاق والأنفس { بكل شيء } من مظاهره { محيطا } [النساء: 126] لا كإحاطة الظرفية بمظروفه، بل كإحاطة الشمس بالأضواء والأضلال، وإحاطة الروح بالجسم.
أذقنا بلطفك حلاوة توحيدك.
[4.127-128]
نامعلوم صفحہ