تفسیر البغوی
معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي
ایڈیٹر
حققه وخرج أحاديثه محمد عبد الله النمر - عثمان جمعة ضميرية - سليمان مسلم الحرش
ناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
ایڈیشن
الرابعة
اشاعت کا سال
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
علاقے
•ترکمانستان
سلطنتیں
سلجوقی
﴿خُذُوا﴾ أَيْ قُلْنَا لَهُمْ خُذُوا ﴿مَا آتَيْنَاكُمْ﴾ أَعْطَيْنَاكُمْ ﴿بِقُوَّةٍ﴾ بِجِدٍّ وَاجْتِهَادٍ وَمُوَاظَبَةٍ ﴿وَاذْكُرُوا﴾ وَادْرُسُوا ﴿مَا فِيهِ﴾ وَقِيلَ: احْفَظُوهُ وَاعْمَلُوا بِهِ ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ لِكَيْ تَنْجَوْا مِنَ الْهَلَاكِ فِي الدُّنْيَا وَالْعَذَابِ فِي الْعُقْبَى، فَإِنَّ قَبِلْتُمْ وَإِلَّا رَضَخْتُكُمْ بِهَذَا الْجَبَلِ وَأَغْرَقْتُكُمْ فِي هَذَا الْبَحْرِ وَأَحْرَقْتُكُمْ بِهَذِهِ النَّارِ، فَلَمَّا رَأَوْا أَنْ لَا مَهْرَبَ لَهُمْ عَنْهَا قَبِلُوا وَسَجَدُوا وَجَعَلُوا يُلَاحِظُونَ الْجَبَلَ وَهُمْ سُجُودٌ، فَصَارَ سُنَّةً لِلْيَهُودِ، وَلَا يَسْجُدُونَ إِلَّا عَلَى أَنْصَافِ وُجُوهِهِمْ، وَيَقُولُونَ: بِهَذَا السُّجُودِ رُفِعَ الْعَذَابُ عَنَّا.
﴿ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ﴾ أَعْرَضْتُمْ ﴿مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ﴾ مِنْ بَعْدِ مَا قَبِلْتُمُ التَّوْرَاةَ ﴿فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ﴾ يَعْنِي بِالْإِمْهَالِ وَالْإِدْرَاجِ وَتَأْخِيرِ الْعَذَابِ عَنْكُمْ ﴿لَكُنْتُمْ﴾ لَصِرْتُمْ ﴿مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ مِنَ الْمَغْبُونِينَ بِالْعُقُوبَةِ وَذَهَابِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَقِيلَ: مِنَ الْمُعَذَّبِينَ فِي الْحَالِ لِأَنَّهُ رَحِمَهُمْ بِالْإِمْهَالِ.
﴿وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (٦٥) فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (٦٦) وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوَذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (٦٧)﴾
قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ﴾ أَيْ جَاوَزُوا الْحَدَّ، وَأَصْلُ السَّبْتِ: الْقَطْعُ، قِيلَ: سُمِّيَ يَوْمُ السَّبْتِ بِذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَطَعَ فِيهِ الْخَلْقَ، وَقِيلَ: لِأَنَّ الْيَهُودَ أُمِرُوا فِيهِ بِقَطْعِ الْأَعْمَالِ، وَالْقِصَّةُ فِيهِ: أَنَّهُمْ كَانُوا زَمَنَ دَاوُدَ ﵇ بِأَرْضٍ يُقَالُ لَهَا أَيْلَةُ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ صَيْدَ السَّمَكِ يَوْمَ السَّبْتِ، فَكَانَ إِذَا دَخَلَ السَّبْتُ لَمْ يَبْقَ حُوتٌ فِي الْبَحْرِ إِلَّا اجْتَمَعَ هُنَاكَ حَتَّى يُخْرِجْنَ خَرَاطِيمَهُنَّ مِنَ الْمَاءِ لِأَمْنِهَا، حَتَّى لَا يُرَى الْمَاءُ مِنْ كَثْرَتِهَا، فَإِذَا مَضَى السَّبْتُ تَغْرَقْنَ وَلَزِمْنَ مَقْلَ (١) الْبَحْرِ، فَلَا يُرَى شَيْءٌ مِنْهَا فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى "إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ" (١٦٣-الْأَعْرَافِ) .
ثُمَّ إِنَّ الشَّيْطَانَ وَسْوَسَ إِلَيْهِمْ وَقَالَ: إِنَّمَا نُهِيتُمْ عَنْ أَخْذِهَا يَوْمَ السَّبْتِ، فَعَمَدَ رِجَالٌ فَحَفَرُوا الْحِيَاضَ حَوْلَ الْبَحْرِ، وَشَرَّعُوا مِنْهُ إِلَيْهَا الْأَنْهَارَ، فَإِذَا كَانَتْ عَشِيَّةُ الْجُمْعَةِ فَتَحُوا تِلْكَ الْأَنْهَارَ، فَأَقْبَلَ الْمَوْجُ بِالْحِيتَانِ إِلَى الْحِيَاضِ، فَلَا يَقْدِرْنَ عَلَى الْخُرُوجِ لِبُعْدِ عُمْقِهَا وَقِلَّةِ مَائِهَا، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْأَحَدِ أَخَذُوهَا، وَقِيلَ: كَانُوا يَسُوقُونَ الْحِيتَانَ إِلَى (الْحِيَاضِ) (٢) يَوْمَ السَّبْتِ وَلَا يَأْخُذُونَهَا ثُمَّ يَأْخُذُونَهَا يَوْمَ الْأَحَدِ، وَقِيلَ: كَانُوا يَنْصِبُونَ
(١) مقر البحر وأسفله.
(٢) زيادة من (ب) .
1 / 104