تفسیر قرآن عظیم
تفسير القرآن العظيم المنسوب للإمام الطبراني
اصناف
[26]
قوله تعالى : { قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشآء وتنزع الملك ممن تشآء وتعز من تشآء وتذل من تشآء }. قال علي رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لما أراد الله تعالى أن ينزل الفاتحة ؛ وآية الكرسي ؛ وشهد الله ؛ وقل اللهم مالك الملك ، تعلقن بالعرش وقلن : تهبطنا دار الذنوب وإلى من يعصيك؟! فقال الله تعالى : وعزتي وجلالي ؛ ما من عبد قرأكن في دبر كل صلاة مكتوبة إلا أسكنته حضرة العرش على ما كان منه ، وإلا نظرت إليه كل يوم سبعين نظرة ، وإلا قضيت له كل يوم سبعين حاجة ، أدناها المغفرة ، وأعذته من كل عدو ونصرته عليه ، ولا يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت "
ومعنى الآية : قال ابن عباس : (لما فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة ووعد أمته ملك فارس والروم ، قال المنافقون واليهود : هيهات ، من أين لمحمد ملك فارس والروم ، هم أعز وأمنع من ذلك ، ألم يكف محمدا مكة والمدينة حتى أطمع نفسه في ملك فارس والروم).
ويقال في وجه اتصال هذه الآية بما قبلها : إن اليهود قالوا : لا نتبعك ؛ فإن النبوة والملك لم يزل في أسلافنا بني إسرائيل ، فأنزل الله هذه الآية. ومعناها : قل يا محمد : يا الله يا مالك الملك.
وإنما زيدت الميم لأنها بدل عن (يا) التي هي حرف النداء ، ألا ترى أنه لا يجوز في الإخبار إدخال الميم ؛ لا يقال : غفر اللهم لي كما يقال في النداء اللهم اغفر ((لي)) ؛ ولهذا لا يجوز الجمع بين ((ما كان)) الميم في آخره والنداء في أوله ، لأنه لا يجوز الجمع بين العوض والمعوض ، وإنما شددت الميم لأنها عوض عن حرفين ، فإن النداء حرفان ، وهذا اختيار سيبويه. وقال الفراء : (معنى قول القائل : اللهم يا الله أم بخير ؛ أي أقصد. طرحت حركة الهمزة على الهاء).
قوله تعالى : { مالك الملك } أي مالك كل ملك ، هذه صفة لا يستحقها أحد غير الله ، وقيل : معناه : مالك أمر الدنيا والآخرة. وقال مجاهد : (أراد بالملك هنا النبوة) ، وقيل : إن هذا لا يصلح لأنه قال : { وتنزع الملك } والله تعالى لا ينزع النبوة من أحد ؛ لأنه لا يريد لأداء الرسالة إلا من يعلم أنه يؤدي الرسالة على الوجه ، وأنه لا يغير ولا يبدل ، لأنه عالم بعواقب الأمور.
ومعنى : { تؤتي الملك من تشآء } أي تعطي الملك من تشاء أن تعطيه. وقال الكلبي : { تؤتي الملك من تشاء } يعني محمدا وأصحابه ، { وتنزع الملك ممن تشاء } أي من أبي جهل وأصحابه). وقيل معناه : { تؤتي الملك من تشاء } يعني العرب ، { وتنزع الملك ممن تشاء } يعني الروم والعجم وسائر الأمم.
صفحہ 286