260

تفسیر قرآن عظیم

تفسير القرآن العظيم المنسوب للإمام الطبراني

اصناف

تفسیر

[282]

قوله عز وجل : { ياأيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه } ؛ قال ابن عباس : (لما حرم الربا أباح السلم) وظاهر الآية على كل دين من سلم وغيره. ومعنى الآية : { ياأيها الذين آمنوا إذا } تبايعتم بالنسيئة إلى وقت معلوم فاكتبوا الدين بأجله وأشهدوا عليه كيلا تحدث نفس أحدكم بالطمع في حق صاحبه ، ولا يقع شك في مقداره ، ولا جحود ولا نسيان. والدين : ما كان مؤجلا ، والعين : ما كان حاضرا .

واختلفوا في هذه الكتابة أنها فرض أو ندب ؟ فذهب أبو سعيد الخدري والحسن والشعبي : (أن الكتابة والإشهاد على الديون الآجلة كانا واجبين بهذه الآية ، ثم نسخا بقوله تعالى : { فإن أمن بعضكم بعضا }[البقرة : 283]. وقال ابن عباس : (لا والله ، إن آية الدين محكمة ما فيها نسخ). وهو قول الربيع وكعب ، وهذا هو الأصح ؛ لأن الأمر بالكتابة والإشهاد إنما ورد مقرونا بقوله : { فإن أمن بعضكم بعضا }[البقرة : 283] ، ويستحيل ورود الناسخ والمنسوخ معا في شيء واحد ، فكأن المراد بالأمر الندب.

والفائدة في قوله : { إلى أجل مسمى } بيان إعلام وجوب الأجل ؛ فإن جهالة الأجل في المباعات تفسدها. وقال بعضهم : إن الكتابة فرض واجب.

وقال ابن جريج : (من أدان دينا فليكتب ، ومن باع فليشهد). يدل عليه ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ثلاثة يدعون الله فلا يستجاب لهم : رجل كان له دين فلم يشهد ، ورجل أعطى سفيها مالا وقد قال تعالى : { ولا تؤتوا السفهآء أموالكم } ، ورجل كانت عنده امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها ".

وقال قوم : هو مستحب ؛ وإن كتب فحسن وإن ترك فلا بأس ، كقوله تعالى : { وإذا حللتم فاصطادوا }[المائدة : 2] وقوله تعالى : { فإذا قضيت الصلاة فانتشروا }[الجمعة : 10].

قوله تعالى : { وليكتب بينكم كاتب بالعدل } ؛ قرأ الحسن : (وليكتب) بكسر اللام وهذه لام الأمر ، وهي إذا كانت مفردة " سكنت " طلبا للخفة ، ومنهم من يكسرها فليس فيها إلا الحركة ، وإذا كان قبلها (واو) أو (فاء) أو (ثم) فأكثر العرب على تسكينها طلبا للخفة. ومنهم من يكسرها على الأصل.

ومعنى هذه الآية : وليكتب كاتب بين البائع والمشتري ؛ والطالب والمطلوب بالحق والإنصاف ، فلا يزاد فيه ولا ينقص منه ، ولا يقدم الأجل ولا يؤخره.

قوله تعالى : { ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله } ؛ أي لا يمتنع أن يكتب كما ألهمه الله شكرا لما أنعم عليه حيث علمه الكتابة وأحوج غيره إليه ؛ { فليكتب }.

واختلفوا في وجوب الكتابة على الكاتب ؛ والشهادة على الشاهد ؛ فقال مجاهد والربيع : (واجب على الكاتب أن يكتب). وقال الحسن : (ذلك في الموضع الذي لا يقدر فيه على كاتب غيره ، فيضر بصاحب الدين إن امتنع ، فإن الكتابة حينئذ عليه فريضة.

صفحہ 260