تفسیر قرآن عظیم
تفسير القرآن العظيم المنسوب للإمام الطبراني
اصناف
[262]
قوله عز وجل : { الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون مآ أنفقوا منا ولا أذى } ؛ نزلت في شأن النفقة التي يستحق بها الثواب المضاعف ؛ معناه : { الذين ينفقون أموالهم في } طاعة الله { ثم لا يتبعون مآ أنفقوا منا } على السائل نحو أن يقول للسائل إذا وقع بينه وبينه خصومة : أعطيتك كذا ، وأحسنت إليك ، وما أشبهه مما يبغض على السائل. وأصله من القطع ؛ يقال : مننت الشيء إذا قطعته ؛ ومنه قوله تعالى : { فلهم أجر غير ممنون }[التين : 6] أي غير مقطوع ، ويقال : جبل منين ؛ أي مقطوع. وقيل : أصل المنة النعمة ، يقال : من (يمن) إذا أعطى وأنعم ، قال الله تعالى : { هاذا عطآؤنا فامنن أو أمسك }[ص : 39] أي أعط أو أمسك.
وقال الكلبي : (نزلت هذه الآية في عثمان وعبدالرحمن بن عوف ، أما عثمان رضي الله عنه فجهز المسلمين في غزوة تبوك بألف بعير بأقتابها وأحمالها). " وروي أن عثمان جاء بألف مثقال في جيش العسرة فصبها في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان صلى الله عليه وسلم يدخل يده فيها ويقلبها ويقول : [ما يضر عثمان ماذا عمل بعد اليوم]. وقال أبو سعيد الخدري : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رافعا يديه يدعو لعثمان ويقول : [يا رب ، عثمان رضيت عنه فارض عنه] فما زال يدعو رافعا يديه حتى طلع الفجر " ، فأنزل الله هذه الآية. وأما عبدالرحمن بن عوف فقد ذكرنا صدقته.
قوله تعالى : { ولا أذى } أي لا يؤذي السائل ؛ لا يعيره ولا يزجره ؛ نحو أن يقول : أنت أبدا في فقر وما أبلانا بك ، وأراحنا الله منك ، وأعطيناك فما شكرت ، وما أشبه ذلك. قال صلى الله عليه وسلم : " المان بما يعطي لا يكلمه الله يوم القيامة ولا ينظر إليه ولا يزكيه وله عذاب أليم " فحظر الله المن بالصنيعة على عباده واختص به صفة لنفسه ؛ لأنه من العبد تعيير وتكدير ؛ ومن الله تعالى إفضال وتذكير. قال بعضهم : أفسدت بالمن ما قدمت من حسن ليس الكريم إذا أعطى بمنانقوله تعالى : { لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون } ؛ أي { لا خوف عليهم } فيما يستقبلهم من أهوال يوم القيامة ، { ولا هم يحزنون } على ما خلفوا في الدنيا.
صفحہ 242