217

تفسیر قرآن عظیم

تفسير القرآن العظيم المنسوب للإمام الطبراني

اصناف

تفسیر

[236]

قوله عز وجل : { لا جناح عليكم إن طلقتم النسآء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره } ؛ أي لا حرج عليكم إن طلقتم النساء ما لم تجامعوهن أو تسموا لهن مهرا ؛ { ومتعوهن } أي متعوا اللاتي طلقتموهن قبل المسيس. والفرض على الغني بمقدار غناه ، وعلى الفقير بمقدار طاقته.

قوله تعالى : { متاعا بالمعروف حقا على المحسنين } ؛ أي ما تعرفون أنه القصد وقدر الإمكان { حقا على المحسنين } أي واجبا على المؤمنين. وانتصب (متاعا) على المصدر من قوله تعالى : { ومتعوهن }. ونصب (حقا) على الحال من قوله { بالمعروف حقا } تقديره : عرف حقا. ويجوز أن يكون : نصبا على معنى : حق ذلك عليهم حقا.

وفي الآية دلالة جواز النكاح بغير تسمية المهر ؛ لأن الله تعالى حكم بصحة الطلاق مع عدم التسمية ، والطلاق لا يصح إلا في نكاح صحيح. ومعنى { أو تفرضوا لهن فريضة } أي ما لم تمسوهن ولم تفرضوا لهن فريضة. وقد تكون (أو) بمعنى الواو كقوله : { ولا تطع منهم ءاثما أو كفورا }[الإنسان : 24] وكذلك قوله : { وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جآء أحد منكم من الغآئط }[النساء : 43] ؛ المعنى : وجاء أحد منكم من الغائط.

وأعلى المتعة : خادم وثياب وورق ، وأدناها : خمار ودرع وملحفة. ولا يجاوز بالمتعة نصف المثل بغير رضا الزوج. وقد اختلف السلف في أن هذه المتعة هل يجبر الزوج عليها أم لا ؟ قال شريح : (إن القاضي يأمر الزوج بها من غير أن يجبره عليها). وكان شريح يقول للزوج : (إن كنت من المتقين أو من المحسنين فمتعها).

وأما عندنا فإن القاضي يجبر الزوج على المتعة للمرأة التي طلقها قبل المسيس والفرض ؛ لأن الله تعالى قال : (حقا) وليس في ألفاظ الإيجاب آكد من قولهم : (حقا عليه). وفي قوله : { على المحسنين } بيان أنها من شروط الإسلام ؛ وعلى كل أحد أن يكون محسنا كما قال تعالى : { هدى للمتقين }[البقرة : 2] وهو هدى للناس كلهم. وقيل : إنما خص المحسنين بالذكر تشريفا لهم ؛ لأنه لا يجب على غيرهم ، فوصف المؤمنين بالإحسان ؛ لأن الإحسان أكثر أخلاقهم.

صفحہ 217