وذلك حسبما ورد في تقرير استشهد به المؤلفان.
لقد أوضح تأثير كتاب «التخبط الأكاديمي» على المناقشات والمناظرات التي تدور عن التعليم العالي في الصحافة الأكاديمية والعامة كلتيهما؛ وجود قبول عام لفكرة أن غياب مهارات التفكير النقدي من العالم، يولد الخوف من هذا العالم. فما الذي قد يدعو إلى ذلك؟
يندرج في صلب الحديث عن التفكير النقدي الذي يجري في الأوساط الأكاديمية وبين النطاق الأوسع من الجمهور؛ افتراض بأن المعرفة وحدها لا تساعدنا على حل المشكلات التي يواجهها الفرد أو المجتمع.
لقد شاهدنا في العقود الأخيرة الماضية تسارعا في إنشاء معرفة جديدة مصحوبة بإمكانية غير مسبوقة في الوصول إلى المعلومات عبر الأجهزة الرقمية التي أصبحت رفيقة لنا على الدوام. وعلى الرغم من ذلك، لم تزل الأخطاء في إصدار الأحكام تصيبنا على المستويين الفردي والاجتماعي.
الأسوأ من ذلك أن عدم قدرتنا على تقييم المعلومات التي تتضمنها «مكتبات الإسكندرية» الموجودة في جيوبنا، من حيث صحة المعلومات وموثوقيتها، تعني أننا معرضون لتصديق معلومات مزيفة، واستخلاص استنتاجات غير صحيحة من تلك «الحقائق» التي يرد بعضها إلينا من أناس يفهمون عيوب التفكير البشري بدرجة تتيح لهم التلاعب بنا.
لم تزل الأخطاء في إصدار الأحكام تصيبنا على المستويين الفردي والاجتماعي.
استخلصت بعض التعليقات بشأن الانتخابات الأمريكية لعام 2016 أن العديد من الأمريكيين يتخذون قراراتهم بناء على العاطفة لا التفكير المنطقي، مما يدل على أن قدرة الجمهور على التفكير النقدي منعدمة أو تعطل بسهولة. لكن المرء لا يحتاج إلى مراجعة السياسة الوطنية كي يرى المشكلات المصاحبة للافتقار إلى التفكير النقدي. كم من مرات شراء اندفاعية، واختيارات سيئة في الحياة المهنية، وجدالات غير ضرورية مع الأحباب، ومشكلات شخصية أخرى، يمكن تجنبها لو دربنا عقولنا على إيجاد البراهين وتقييمها، ووضعها في بنية للتحليل، وتأسيس خياراتنا على قواعد قد شكلت آراء سديدة منذ عصور سقراط وأرسطو؟
ولما كان تحييد أشكال التحيز من مهارات التفكير النقدي المهمة التي أتناولها على مدار هذا الكتاب، فينبغي أن أذكر في البداية اعتقادا هو الذي دفعني خلال سنوات عملي في هذا المجال، وهو أن أهم مشكلات التفكير النقدي التي تواجه العالم اليوم أن قلة من الأفراد فقط هي التي تتمتع بتلك المهارة، وهم لا يمارسونها بالدرجة الكافية، مما يفسر تركيز هذا الكتاب على إمكانية تعلم التفكير النقدي، وممارسته وتقييمه.
إن تعليم أنفسنا وتعليم الآخرين للتحلي بمهارة التفكير النقدي يتطلب إرساء مبادئ أساسية؛ لذا سأقدم للقارئ فيما يلي نبذة عن الموضوعات التي يتناولها الكتاب:
يتناول الفصل الأول «أصول التفكير النقدي»؛ فيشرح أصول المصطلح في سياق التخصصات التي يقوم التفكير النقدي عليها، مثل الفلسفة وعلم النفس والعلوم. يقدم هذا الفصل التعريفات المبكرة لمصطلح «التفكير النقدي»؛ إذ إن المشكلات المتعلقة بالتعريفات أمر يتكرر طرحه عند مناقشة الموضوع. وليس إسهامي في ذلك النقاش محاولة لدعم التعريف الذي أفضله، بل لمساعدة القارئ على فهم المصطلح فهما أفضل عن طريق تعريفه بالأصول الرائعة للتفكير النقدي.
نامعلوم صفحہ