وأصبح مرجع العلماء في عصره، وقال عنه ابن خلّكان في "وفيات الأعيان" ٣/ ٣٥٤: ما صنّف في الإِسلام مثله، ويعتبر كتاب "نهاية المطلب" قمة كتب المذهب الشافعي، وهو كتاب مطوّل، لا يصل إلى مستواه إلَّا الخواص والمختصون، ولا يصبر على مطالعته إلا من أوتي الصبر الجميل والتبحر في الفقه، وهو يحتوي على جميع الأبواب الفقهية، بدءًا من العبادات إلى آخر أبواب الفقه.
* أبو حامد الغزالي (٤٥٠ هـ - ٥٠٥ هـ): هو حجّة الإِسلام، ونادرة الزمان، الشيخ محمد بن محمد بن محمد الغزالي الطوسي الإِمام الفقيه، الأصولي، المربي.
كان شديد الذكاء، سريع البديهة، قوي الحجة والبيان، تفقه على كثير من العلماء، ولازم إمام الحرمين، حتى برع في الفقه، والمعقول والمنقول، ولم يكن الغزالي مجرد حافظ للفروع والأحكام، وناقل لأراء العلماء، وإنما كان فقيهًا محققًا متفتح الذهن، وصل إلى مرتبة الاجتهاد، وقد جدد المذهب وأفاده، حيث كان يذكر حكمة التشريع في العبادة، كما يذكر في المعاملات بأن معاملات الإِسلام عبادة إذا لوحظ فيها الصدق والأمانة، وخدمة المسلمين.
وقد اختصر الغزالي كتاب شيخه "نهاية المطلب" بمختصر سماه "البسيط" ثمَّ اختصره في أَقلّ منه وسمّاه "الوسيط" ثمَّ اختصره في أَقلّ منه وسماه "الوجيز".
وقد أقبل الناس على كتب الإِمام الغزالي بالدرس والحفظ والشرح والاختصار، وكان لكتاب الوسيط مكان هام بين الكتب الفقهية، فهو أحد الكتب الخمسة الَّتي عليها مدار الفقه الشَّافعيّ، واشتهر لتدريس المدرّسين وبحث المشتغلين، وشرحه الإِمام ابن الرفعة نجم الدين بن محمَّد شافعي زمانه المتوفى سنة ٧١٠ هـ بشرح سماه "المطلب العالي في شرح وسيط الغزالي" ويتكون من ستة وعشرين مجلد، كما شرحه العالم العلّامة أَحمد بن أَبي الحزم القمولي، المتوفى سنة ٧٢٧ هـ بشرح سمّاه "البحر المحيط في شرح الوسيط".
1 / 27