تدريب الراوي
تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي
تحقیق کنندہ
أبو قتيبة نظر محمد الفاريابي
ناشر
دار طيبة
اصناف
علوم حدیث
وَلَا شَكَّ أَنَّ مَنْ جَمَعَ ذَلِكَ مِنَ الْأَوَّلِينَ كَانَ أَوْفَرَ سَهْمًا وَأَحَظَّ قَسْمًا، وَمَنِ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ كَانَ أَخَسَّ حَظًّا وَأَبْعَدَ حِفْظًا، فَمَنْ جَمَعَ الثَّلَاثَةَ كَانَ فَقِيهًا مُحَدِّثًا كَامِلًا، وَمَنِ انْفَرَدَ بِاثْنَيْنِ مِنْهُمَا كَانَ دُونَهُ، إِلَّا أَنَّ مَنِ اقْتَصَرَ عَلَى الثَّانِي وَالثَّالِثِ فَهُوَ مُحَدِّثٌ صِرْفٌ، لَا حَظَّ لَهُ فِي اسْمِ الْفَقِيهِ، كَمَا أَنَّ مَنِ انْفَرَدَ بِالْأَوَّلِ فَلَا حَظَّ لَهُ فِي اسْمِ الْمُحَدِّثِ، وَمَنِ انْفَرَدَ بِالْأَوَّلِ وَالثَّانِي فَهَلْ يُسَمَّى مُحَدِّثًا؟ فِيهِ بَحْثٌ. انْتَهَى.
وَفِي غُضُونِ كَلَامِهِ مَا يُشْعِرُ بِاسْتِوَاءِ الْمُحَدِّثِ وَالْحَافِظِ، حَيْثُ قَالَ: فَلَا حَظَّ لَهُ فِي اسْمِ الْحَافِظِ. وَالْكَلَامُ كُلُّهُ فِي الْمُحَدِّثِ.
وَقَدْ كَانَ السَّلَفُ يُطْلِقُونَ الْمُحَدِّثَ وَالْحَافِظَ بِمَعْنًى، كَمَا رَوَى أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ بِسَنَدِهِ إِلَى أَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي شَيْبَةَ يَقُولُ: مَنْ لَمْ يَكْتُبْ عِشْرِينَ أَلْفَ حَدِيثٍ إِمْلَاءً لَمْ يُعَدَّ صَاحِبَ حَدِيثٍ.
وَفِي الْكَامِلِ لِابْنِ عَدِيٍّ مِنْ جِهَةِ النُّفَيْلِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ هُشَيْمًا يَقُولُ: مَنْ لَمْ يَحْفَظِ الْحَدِيثَ فَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ.
وَالْحَقُّ أَنَّ الْحَافِظَ أَخَصُّ، وَقَالَ التَّاجُ السُّبْكِيُّ فِي كِتَابِهِ مُعِيدِ النِّعَمِ: مِنَ النَّاسِ فِرْقَةٌ ادَّعَتِ الْحَدِيثَ فَكَانَ قُصَارَى أَمْرِهَا النَّظَرَ فِي مَشَارِقِ الْأَنْوَارِ لِلصَّاغَانِيِّ. فَإِنْ تَرَفَّعَتِ
[ارْتَقَتْ] إِلَى مَصَابِيحِ الْبَغَوِيِّ، وَظَنَّتْ أَنَّهَا بِهَذَا
1 / 34