وقد نصح لي جمع من أماثل الدهر، وأفاضل العصر، وأصابوا في ذلك وما أخطؤا بأن لا أتوجه إلى رد ((التبصرة))، الملقبة ب((المزخرفة))، قائلين: أوقاتك النفيسة أجل من أن تتوجه إلى هذه المزخرفات، ولمحاتك النظيفة، أعز من أن تصرفها في رد هذه الخرافات، ولما بلغ الأمر إلى ما ترى من تقريرات كريهة، وتحريرات سقيمة، لم يبق لطف المباحثة؛ لخروج المنصور وأنصاره عن حيز أصحاب المناظرة.
فقلت لهم: هب صدقتم، ونعم ما قلتم، لكن خشية وقوع الجهال، في أودية الضلال، تزعجني وتهيئني على أن أدخل في هذه المسالك، فأهدي السالك في الحوالك، وأميز بين الناسك والهالك، ولولا خوف ضلالة الناس بالدخول في الوسواس، لتركت الخطاب مع الأنجاس، الذين لا يفهمون أمرا، ولا يعقلون خبرا، ولا يعظمون حبرا، ولا يتفوهون إلا نكرا.
والله أسأل أن يصفح عن زلاتي، ويخفف ميزاني بإلقاء سيئاتي، على ظهور الهمازين اللمازين، العيابين السبابين، الثرثارين الفحاشين، وأن يجنب أقلامي، عن تسطير ما يذهب بحسناتي، ويخرب أخرياتي، وأن يلهمني الصبر الجميل، ويعطيني الجزيل، وهو حسبي ونعم الوكيل، وهو ربي ونعم الكفيل.
- الدراسة الثانية -
في رد ما في الفاتحة
قال ناصرك المختفي في (الصفحة الثامنة): أما الفاتحة: ففي بيان أمور وجب الاطلاع عليها زيادة للبصيرة في المطلوب.
أقول: قد قضيت ما وجب عليك، والله يجزيك على صنيعك، وأنا أقضي ما هو الواجب علي، بل على سائر العلماء، بحيث تنشرح به صدور الفضلاء.
صفحہ 82