كالقوس تصمي الرصايا وهي مرنان وإني بفضل الله الغني في عزلة، وإعراض عن حركة أهل زماني، وقرضهم بالمقراض، لا أبالي من اعتدى منهم ورماني، ولا أترك إحقاق السوي وإن سبني خصمي وآذاني، لا أشتغل بسبه وشتمه، ولا يسمع أحد منى له ذكرا، ولا أقول في حقه بسبب ذلك هجرا.
والعجب أنك تدعي المناظرة، ولا تتصور ما اشترط للمباحثة، ولا تعلم ما قررت لها الأئمة، من الآداب الملتزمة.
قال في ((الآداب الباقية شرح الشريفية))(1): قال الإمام الرازي(2): يجب على المناظر:
أن يحترز عن الاختصار في الكلام عند المناظرة؛ كيلا يخل بالفهم، وعن التطويل فيه؛ لئلا يؤدي إلى الإملال، وعما لا دخل له في المقصود؛ كيلا يخرج الكلام عن الضبط.
ولا يلزم البعد عن المطلوب، وعمن كان مهيبا محترما، إذ هيبة الخصم واحترامه ربما يزيل دقة نظره، وجودة طبعه.
وأن لا يستعمل الألفاظ الغريبة أو المحتملة للمعنيين بلا قرينة معينة للمراد.
وأن لا يضحك، ولا يرفع الصوت، ولا يتكلم بكلام السفهاء عند المناظرة؛ لأنها من صفات الجهال ووظائفهم، فإنهم يسترون بها جهلهم.
صفحہ 80