وكذا لا أهتم بطبع التقاريظ الطويلة العويضة، والمدائح الوسيعة الغفيرة، وألقاب المكاتيب التي يرسلها إلي أصحاب العلم، وأرباب الفهم، مع طبع تلك الرسائل والدفاتر، إلا ما يطبع بإصرار بعض الأكابر أو الأصاغر، وهو قليل نادر، ظنا مني أن تصنيفي، إن كان مقبولا عند خالقي، وهو غاية مقصدي، ونهاية مرصدي، فهو حسبي، فهو الذي ينشر رسمه بنفسه، ويشهر اسمه في جميع الأرض طوله وعرضه، ويذكره بخير في سمائه وأرضه، ويجعله هاديا ونافعا لخلقه، من دون أن يحتاج ذلك إلى ضم ضميمة، من تقريظ مدحي، أو توصيف حمدي، أو ألقاب طويلة(1) عريضة.
وإن كان غير مقبول عند الخالق، فالأحرى به أن لا يروج اسمه، ولا يكثر ذكره، ويكون غير نافق.
ومن عاداتي أيضا: أني كلما أصنف مؤلفا، سواء كان:
لتحقيق مسئلة، وللحق منقحا.
أو كان لترديد رجل أو امرأة، ولقوله مزيفا، لا أمنعه عن كل طالب وسائل، من غير سعي الوسائل، ولا أجعله كذنب يكتسبه الرجل مخفيا، وعيب يرتكبه الرجل مخليا، فيهتم في اختفائه، ويستحيي من إظهاره وإعلائه.
وقد شهد الأكياس من الجنة والناس، أن هذه العادات، سادات العادات، وهي التي ينبغي أن يختارها السادات، فعادات السادات، سادات العادات.
ولله الحمد بملأ الفم على أن جبلني على هذه الكرامات، لا أقول هذا فخرا، بل تحدثا بالنعمة وشكرا.
تذكر واقعة ((التبصرة))، فإنه من حين بدء بطبعها في دهلي، بإدارة السيد معظم مالك، المطبع الفاروقي، اهتممت باختفائها كاختفاء المخدرة، المبتكرة، وقد انتشر الخبر بذلك في الأطراف والممالك.
صفحہ 75