وأما حديث إظهاري الخلوص، وطلب تصانيفك والثناء عليه، فهو لا ينافي الرد عليه، فإني قد قضيت ما هو الواجب علي، ورجوت بذلك أن يكون لي لا علي، إذ الواجب على العلماء هو أن لا يستنكفوا عن مطالعة كتب معاصريهم، ولا يتكبروا ولا يتنزهوا عن معاينة زبر أدانيهم وأقاصيهم ولا يتفخروا، وأن لا يكونوا بكما وعميا عن الثناء عليها، بمدائح تليق بها، ثم إن وجدوا فيها ما يغلب ضره على نفعه، وخبثه على لطفه، وسقمه على صحته، وخطأه على صوابه، يجب عليهم أن يردوا عليه ردا بليغا، ويبرهنوا على بطلان ما كان قبيحا وشنيعا، وخبيثا وكثيفا، ويخلصون فيه النية، فإنما الأعمال بالنية.
ثم هذا الواجب وإن كان كفاية لا عينا، لكن المسارعة إلى الخيرات مرغوب فيها عينا، فطوبى لمن سارع إلى الخيرات، وصار أبا لحد، وبادر إلى تبيين الجهالات والبطالات، ردا على من صدر منه تزيين الخرافات، وبهذا ظهر أنه لا منافاة بين الثناء على كتبك، وبين ذم زبرك، فإن الحكم مختار حسب اختلاف الحيثيات، وكذا لا منافاة بين طلبها، ومعاينتها، والرد عليها، الحكم مفترق حسب افتراق الاعتبارات.
قوله(ص5): ثم إن السيد لما أخبره الناس بصنعه هذا في هوامشه ترك معه الكتاب والخطاب والجواب، وسكت عن إساءاته على عادة أولي الألباب، وهو إلى العام الماضي يكتب إليه الخطوط، ويسعى للناس ملازمته الرياسة فلم يقبل السيد سعيد.
أقول: تأمل ماذا يتفوه ناصرك، ويصفك بوصف لا * أمثالك.
أهذه عادة السادات؟
كلا والله؛ إن عادات السادات، سادات العادات.
أهذه طريقة مجددي المئات؟
صفحہ 53