قوله(ص5): لم يكن بين الراد وبين السيد الماجد سابقة المعرفة، ولا واسطة اللقاء، ولا اتحاد الموطن، ولا وحدة النسب، ولا توافق الحسب، ولا شيء مما سوى ذلك، ولا كتب إليه خطاء مبتدئا منه إليه، ولا طلب كتابا من مؤلفاته، ولا اشتاق إليه، ولا نظر في شيء من مصنفاته، ولا رد عليه، ولا ورق من مجموعاته في كتب خزانته، ولا مخاطبة الخصوم، ولا ذكر له في مجالسه، بل الراد هو الذي أظهر الخلوص، وطلب منه مؤلفاته، وأثنى عليها فلما تفضل السيد ببعضها، أخذ يؤاخذ على بعض كلامه في حواشيه على الكتب المطبوعة.
أقول: أنظر ناصرك كيف يبكي بكاء الثكلى(1)، ويشكو شكاية الكسب، ماذا أذنبت إن نبهت على أغلاطك البينة، وتعقبتك بما صدر منك من مسامحاتك المبينة، وأزلت بذلك الظلامة، ودفعت به الظلم الذي هو ظلمات القيامة، وأظهرت المنقولات الصحيحة، وميزت بين المردود والمقبولات النجيحة، وقصدت به حفظ العوام عن الخطأ والضلال، وأخلصت نية الهداية والكمال، ولم يزل العلماء من عهد السلف، وهلم جرا إلى الخلف، يردون على من غلط وأخطأ من كل طرف، ويتعقبون عليه بكل حرف، ويصنفون الكتب في تضعيف مقوله، ويؤلفون الخطب في تزييف منقوله، وقد كانوا يرون ذلك من آكد الواجبات، صيانة للخليقة عن الخرافات، ولو جمعت التآليف(2)التي ألفت في مثل هذه التصاريف، لبلغت مجلدات، بل خرجت عن حد المعدودات، ولو كان مجرد الرد على الناس مذموما؛ لما فعلت الأئمة ذلك، ولو كان التنبيه على لغويات النسناس معيوبا، لما دخلت حملة الملة تلك المسالك.
صفحہ 51