ولا يدرى لم اكتفى على هذا القدر من الأمثلة المتفرقة؛ لعله انكسر قلمه، أو فني سواده، أو انشق قرطاس المسودة، وإلا فمن الظاهر أنه لو جمع الاختلاف الواقع في الأمور التاريخية، لبلغ تأليفه إلى مجلدات ضخيمة، فيظهر فضله أزيد مما ظهر عند الطوائف السقيمة.
ومنها: أنه مهد لإصلاح تصانيف صاحب ((الحطة)) مقدمة ثانية في الصفحة الخامسة والأربعين، دالة على أن نقل الإختلاف من غير ترجيح جائز، وذكر له من السادسة والأربعين إلى الحادية والتسعين: ثلاثا وثلاثين ومئة أمثلة.
وأي لهو أوهن من هذا، ضيع أوقاته، وحرك أقلامه، وسود أوراقه في كذا وكذا من غير أن يفيده شيئا في الدنيا والعقبى، وما ذلك إلا ليتوهم متخيل أن كتابه اللاحق متكفل.
ومنها: أنه سود الأوراق في تمهيد المقدمة الثالثة من الصفحة الحادية والستين إلى الثالثة والسبعين، بما لا يسمن ولا يغني، ولا يفيد ولا يغني، ليكبر حجم الكتاب؛ فيظهر فضله عند جهال الطلاب.
ومنها: أنه مهد في الصفحة الرابعة والسبعين مقدمة خامسة، وسود لتأييدها من أوراقه نحو ورقة، وهو لا يجدي نفعا، ولا يعطي فتحا، إلا تسويد القرطاس، والتبختر به عند عوام الناس.
ومنها: أنه عقد بابا ثالثا لبيان أغلاطي الواقعة في ((إبراز الغي))، وغيره من تصانيفي، وعد منها من الصفحة الثالثة والثلاثين بعد المائتين إلى الثانية والخمسين: مئة وثمانية وسبعين؛ ليكثر مدحه عند المتعلتين، وأكثرها متعلق بتغير النقاط الواقعة من أصحاب الكتابة، أو بتغير الصلة.
صفحہ 32