أحدثتني يا قلب أنك صابرٌ ... على الهجر من لبنى فسوف تذوقُ
أطعتَ وشاةً لم يكن لك فيهم ... خليلٌ ولا دانٍ عليك شفيقُ
فمتْ كمدًا أو عشْ معنىً فإنما ... تحملني ما لا أراك تطيقُ
سمى الدهر والواشون بيني وبينها ... فقطع حبلُ الوصل وهو وثيقُ
قال أيضًا:
سقى طللَ الدار التي كنتم بها ... بشرقي سلع صيفٌ وربيعُ
مضى زمنٌ والناس يستشفعون بي ... فهل لي إلى ليلى الغداةَ شفيعُ
يقولون صبٌ بالنساء موكلٌ ... وما ذاك من فضل الرجال بديعُ
إلى الله أشكو نيةً شقت العصا ... هي اليوم شتى وهي أمسِ جميعُ
لعمرك أني يوم جرعاء مالكٍ ... لعاصٍ لأمر المرشدين مطيعُ
ندمتُ على ما كان مني ندامةً ... كما ندمَ المغبونُ حين يبيعُ
لعبد الله بن شبيب:
يقلنَ وقد أبصرنَ نسكي وتوبتي ... إلى الله ما هذا تحين تتوبُ
... امرءًا غضَّ الشباب وللصبا ... قديمًا من الغض الشباب نصيب
لقيس بن الحدادية:
أجدك إن نعمُ نأت أنت جازعُ ... قد اقترنتُ لو أنَّ ذلك نافعُ
قد اقترنت لو أنَّ في قرب دارها ... جداء ولكن كلّ منْ منَّ مانعُ
فإنْ تلقين أسماء قبلي فحيها ... وسلْ كيف ترعى بالمغيب الودائعُ
وظني بها حفظٌ لغيبي ورعيه ... لما استرعيتُ والظن بالغيب واسعُ
ولا يسمعن سري وسرك ثالثٌ ... ألا كلَّ سرٍّ جاوزَ اثنين شائعُ
كأنَّ فؤادي يوم شقين من عصى ... حذارَ وقوع البين أو هو واقعُ
وقد يحمد الله العزاء من الفتى ... وقد يجمعُ الشمل الشتيت الجوامعُ
وقالت وعيناها يفيضان عبرةً ... فديتك بين لي متى أنت راجعُ
فقلت لها والله يدري مسافر ... إذا أضمرته الأرض ما الله صانعُ
فشدتْ على فيها اللثام وأعرضتْ ... وأمعن بالكحل السحيق المدامعُ
قال قيس المجنون:
لعلك أن تروى بشرب على القدم ... وترضى بأخلاق لهنَّ خطوب
فتبلى وصال الواصلين فتعلمي ... خلائق من تصفي الهوى ويشوب
وألقى من الحب المبرحِ سورةً ... لها بين لحمي والعظام دبيب
لقد شفَّ هذي النفس أنْ ليس بارحًا ... لها شجنٌ ما يستطاع قريبُ
فلا القلبُ تخليه الأماني فيشتفي ... ولا النفس عما تعلمين تطيبُ
لكِ الله أني واصلٌ ما وصلتني ... ومثنٍ بما أوليتني ومثيبُ
وآخذُ ما أعطيت عفوًا وإنني ... لأزورَّ عما تكرهين هيوبُ
فلا تتركي نفسي شعاعًا فإنها ... من الوجد قد كادتْ عليك تذوبُ
قال غيره:
سقى العلم الفرد الذي في ظلالهِ ... غزالان مكحولان مؤتلفانِ
طلبتهما صيدًا فلم أستطعهما ... وختلًا ففاتاني وقد قتلاني
قال غيره:
ألا ربما غرتك عند خطابها ... وولدتِ الوعدَ الكذوبَ الولائد
تساقط منهنَّ الأحاديث غضة ... تساقط درٍّ أسلمتهُ المعاقد
قال عمر بن أبي ربيعة:
وإذا تنازعكَ الحديثَ تطرفتْ ... منه القليلَ ولم تردْ إكثارا
يصغي إليه السامعون لحسنهِ ... فكأنما يسقون منه عقارا
قال نعيم النبهاني:
ظللنا بيومٍ عند أمَّ محلم ... نشاوى ولم نشرب طلاءً وخمرا
إذا صمتَتْ عنا صحونا لصمتها ... وإنْ نطقتْ كانتْ لألبابنا شكرا
قال ابن الطثرية:
أماتت وأحيتْ بالتمنعِ والمنى ... فؤادًا رميًا قد أصيبَ مقاتلهْ
وتملك رقَّ النفس مني إذا دنتْ ... سقاطَ حديثٍ يغلبُ الحقَّ باطلهْ
قال قيس بن ذريح:
فإن يحجبوها أو يحل دونَ وصلها ... مقالةُ واشٍ أو وعيدُ أميرِ
فلن يمنعوا عينيَّ من دائم البكا ... ولن يذهبوا ما قد أجنَّ ضميري
وكنا جميعًا قبل أن يظهر الهوى ... بأنعم حاليْ غبطةٍ وسرورِ
فما برح الواشون حتى بدت لنا ... بطونُ الهوى مقلوبةً بظهورِ
لقد كنتُ حسبَ النفس لو دامَ وصلها ... ولكنما الدنيا متاعُ غرورِ
قال جميل:
كأن لم يكن نأيٌّ إذا كانَ بيننا ... تلاقٍ ولكن لا أخالُ التلاقيا
1 / 53