إذا أكملَ الرحمنُ للمرءِ عقله ... فقد كملتْ أخلاقهُ وضرائبهْ
يعيشُ الفتى بالعقلِ في الناسِ إنه ... على العقل يجري علمه وتجاربهْ
ومن كان غلابًا بعقلٍ ونجدةٍ ... فذو الجدِّ في أمرِ المعيشةِ غالبهْ
يزينُ الفتى في الناسِ صحةُ عقله ... وإنْ كان محظورًا عليهِ مكاسبهْ
ويزري به في الناسِ قلةُ عقله ... وإنْ كرمتْ أعراقُه ومناسبهْ
قال معن بن أوس:
لعمرك ما أهويتُ كفي لريبة ... ولا حملتني نحو فاحشة رجلي
ولا قادني سمعي ولا بصري لها ... ولا دلني رأيي عليها ولا عقلي
وأعلم أني لم تصبني مصيبةٌ ... من الدهر إلا قد أصابتْ فتى قبلي
ولست بماشٍ ما حييتُ لمنظر ... من الأمر لا يسعى إلى مثله مثلي
ولا موترًا نفسي على ذي قرابة ... وأوثر ضيفي ما أقام على أهلي
قال مضرس بن ربعي الأسدي:
فلا تهلكنَّ النفسْ لومًا وحسرةً ... على الشيء سداه لغيرك قادرهْ
ولا تيأسنْ من صالح أنْ تنالهُ ... وإنْ كانَ نوشًا بين أيد تبادرهْ
وما فاتَ فاتركه إذا عزَّ واصطبر ... على الدهر إنْ دارتْ عليك دوائرهْ
فإنك لا تعطي امرءًا حظّ غيره ... ولا تعرف السبق الذي الغيثُ ما طرهْ
قال يحيى بن طالب:
يزهدني في كل حين صنيعه ... إلى الناسِ ما جربتُ من قلةِ الشكرِ
إذا أنتَ لم تحسبْ لنفسك خاليًا ... أحاط بكَ المكروهُ من حيث لا تدري
قال ابن جذل الطعان:
ومولى دعاهُ البغيُ والبغيُ كاسمه ... وللحينِ أسبابُ تضلّ عن الحزمِ
دعاني أشبُّ الحربَ بيني وبينه ... فقلتُ له لا بلْ هلمَّ إلى السلمِ
وإياك والحرب الذي لا أديمها ... صحيحٌ ولا تنفكَ تأتي على رغمِ
فإنْ نظفر الحرب الذي أنت منهم ... وتنقلبوا ملأى الأكفَ من الغنمِ
ولا بد من قتلي لعلك منهم ... وإلاَّ فجرحٌ لا يكن على العظمِ
فلما أتى خليتُ فضلَ ردائه ... عليه فلم يرجع بحزم ولا عزمِ
وكان صريع الخيل أولَ وهلة ... فبعدًا له مختار جهل على علمِ
قال غيره:
إذا ما شئتَ سبكَ عند قومٍ ... وإنْ كنت المهذب واللبابا
يهابك كلُّ ذي حسب ودينٍ ... وأما في اللئام فلن تهابا
قال قيس بن الخطيم:
وإني لأغنى الناسِ عن متكلف ... يرى الناس ضلالًا وليس بمهتدِ
وما المالُ والأخلاقُ لاَّ معارةٌ ... فما استطعتَ من معروفها فتزودِ
متى ما تقدْ بالباطلِ الحقَّ يأبه ... وإنْ قدتَ بالحقَّ الرواسيَ تنقدِ
إذا ما أتيتَ الأمرَ من غير بابهِ ... ضللتَ وإنْ تدخلْ من الباب تهتدِ
قال الأصمعي:
ولم أرَ عقلًا تم إلاّ.... ... ولم أرَ علمًا تمَّ إلا على أدبْ
ولم أرَ في الأشياء حين بلوتها ... عدوًا للبِ المرءِ أعدى من الغضبْ
ولم أرَ بين العسر واليسر خلطةً ... ولم أرَ بين الحيّ والميت من نسبْ
قال حارثة بن بدر الغداني:
إذا الهمُّ أمسى وهو داءٌ فأمضه ... ولست بمقضيه وأنتَ تعاذلهْ
ولا تنزلن أمر الشديدة بامرئٍ ... إذا رامَ أمرًا عوقته عواذلهْ
إذا ما قتلتَ الشيء علمًا فقلْ به ... وإياكَ والأمرَ الذي أنتَ جاهلهْ
وقلْ للفؤادِ إنْ نزابكَ نزوة ... من الرّوعِ أفرخْ أكثرُ الروع باطلهْ
ولا تجعلنْ سرًا إلى غير كاتمٍ ... فتقعد إنْ أفشى عليك تجادلهْ
أرى المالَ أقباء الظلال فتارةً ... يؤوبُ وأخرى يحبلُ المالَ حابلهُ
قال أعرابي:
ولما رأوا مالي تقاربَ سربه ... رموني بسهمِ البغض من كل جانبِ
وهنتُ على من كنتُ أحسبُ أنني ... كريمٌ عليه قبل نوب النوائب
قال الأصمعي:
صديقك حين تَسْتغني كثيرٌ ... ومالكَ عند فَقْرك من صديقِ
فلا تغضبْ على أحدٍ إذا ما ... طوى عنك الزيارةَ عند ضيقِ
قال الأقيشر:
ألا إنما الإنسانُ غمدٌ لقلبهِ ... ولا خيْر في غمدٍ إذا لم يكن نصلُ
وإنْ تجمعُ الآفاتُ فالبخلُ سرها ... وشرٌّ من البخلِ المواعيدُ والمطلُ
قال آخر:
1 / 31