الوجناء: الناقة الصلبة. وقيل: العظيمة الوجنات.
إذا رابَ الحليبُ فبلْ عليه ... ولا تحرجْ فما في ذاك حوبُ
فأطيبُ منه صافيةٌ شمولٌ ... يطوفُ بكأسها ساقٍ أديبُ
يمدُّ بها إليكَ يدًا غلامٌ ... أغنّ كأنّه الرشأُ الربيبُ
وقال:
كلّ ميتٍ محرمٌ فأدرْها ... غيرَ مقتولةٍ بكأسِ المزاجِ
وقال:
باكر صباحك بالصبوح ولا تكن ... كمسوّفين غدوا عليك شحاحا
قال ابغني المصباح قلت له اتئد ... حسبي وحسبك ضوؤها مصباحا
فسكبت منها في الزجاجة شربةً ... كانت له حتى الصباح صباحا
من قهوة جاءتك قبل مزاجها ... عطلًا فألبسها المزاجُ وشاحا
عمرتْ يكاتمك الزمانُ حديثَها ... حتى إذا بلغَ السآمةَ باحا
وقال من أخرى:
جريتُ مع الصِّبا طلقَ الجموحِ ... وهانَ عليَّ مأثورُ القبيحِ
وجدتُ ألذَّ عارية الليالي ... قرانَ النغمِ بالوترِ الفصيحِ
ومسمعةٍ إذا ما شئتَ غنتْ ... متى كانَ الخيامُ بذي طلوحِ
تمتَّع من شبابٍ ليسَ يبقى ... وصلْ بعرى الغبوقِ عرى الصبوحِ
الغبوق: شرب الليل، والصبوح: شرب الصباح.
وخذها من مشعشعةٍ كميتٍ ... تحركُ درةَ الرجلَ الشحيحِ
المشعشعة: الخمر التي قد راق مزاجها.
تخيرها لكسرى رائداهُ ... لها حظانِ من لونٍ وريحِ
الرائد: الذي يرسل في طلب الكلأ، يقال: الرائد لا يكذب أهله. وقال:
يا أخوتي ذا الصباحُ فاصطبحوا ... فقد تغنَّت أطيارُه الفصحُ
هبُّوا خذوها فقد شكانا إلى ال ... إبريقِ من طولِ نومنا القدحُ
صرفًا إذا شجّها المزاجُ بأي ... دي شاربيها تولّد الفرحُ
وقال:
عاذلي في المدام غيرَ نصيحِ ... لا تلمْني على شقيقةِ روحي
لا تلمني على التي فتنتني ... وأرتني القبيحَ غير قبيحِ
قهوةٌ تتركُ الصحيحَ سقيمًا ... وتعيرُ السقيمَ ثوبَ الصحيحِ
إنّ بذلي لها لبذلُ جوادٍ ... واقتنائي لها اقتناءُ الشحيحِ
وقال:
لا تبكِ ليلى ولا تطربْ إلى هندِ ... واشربْ على الوردِ من حمراء كالوردِ
كأسًا إذا انحدرتْ في حلقِ شاربها ... أحذتْه حمرتها في العينِ والخدّ
أحذته: من الحذيا، وهي العطية.
فالخمرُ ياقوتةٌ والكأسُ لؤلؤةٌ ... من كفِّ جاريةٍ ممشوقة القدِّ
تسقيكَ من ريقها ضمرًا ومن يدها ... خمرًا فما لك من سكرينِ من بدِّ
لي نشوتانِ وللندمانِ واحدةٌ ... شيءٌ خُصصتُ به من بينهم وحدي
وقال:
ألا سقِّني خمرًا وقل لي هي الخمرُ ... ولا تسقني سرًّا إذا أمكنَ الجهرُ
فما الغبنُ إلاّ أنْ تراني صاحيًا ... وما الغنمُ إلاّ أنْ يتعتعني السكرُ
فبحْ باسمِ من تهوى ودعني من الكنى ... فلا خيرَ في اللذاتِ من دونها سترُ
وقال:
أعطتك ريحانَها العقارُ ... وحانَ من ليلكَ انسفارُ
يقول: إنه شربها فتحوّل طيبها إليه، وقيل: كانت كلون بعض الرياحين فلما شربتها حولت ذلك اللون إلى خدك. ومثله: أخذتك حمرتها.
وأخذه من الأعشى في قوله:
فانعمْ بها قبلَ رائعاتٍ ... لا خمرَ فيها ولا خمارُ
ووقرِ الكأسَ عن سفيهٍ ... لأنَّ آيينَها الوقارُ
آيينَها: هيئتها وما يصلحها.
تحيرتْ والنجومُ وقفٌ ... لم يتمكنْ بها المدارُ
فلم تزلْ تأكلُ الليالي ... جثمانَها ما بها انتصارُ
حتى إذا مات كلّ ذامٍ ... وخُلصَ السرُّ والنجارُ
سرّ كل شيء: خالصه.
عادتْ إلى جوهرٍ لطيفٍ ... عيانُ موجودهِ ضمارُ
ويروى: آلت أي رجعت، يقول: معاينة ما وجد مني خفيّ.
كأن في كأسِها شرابًا ... يخيلهُ المهمهُ القفارُ
لا ينزلُ الليلُ حيثُ حلّت ... فدهرُ شرابِها نهارُ
ما أسكرتني المدام لكن ... مديرُ عينٍ بها احورارُ
وقال من أخرى:
دعْ لباكيها الديارا ... وانفِ بالخمرِ الخمارا
واشربنها من كميتٍ ... تدعُ الليلَ نهارا
بنت عشرٍ لم تُعاينْ ... غيرَ نارِ الشمسِ نارا
ثمّ شجتْ فأدارتْ ... فوقها طوقًا فدارا
1 / 59