وقوله: "من جوف الليل" أي: في جوفه، وحروف الصفات (١) تتناوب، ويحتمل أن مبدأ الصلاة جوف الليل فتكون لابتداء الغاية، ويحتمل أنها للتبعيض، أي: صلاته بَعْضَ -أَيْ في بَعْضِ- جوف الليل. ورأس الأمر، أي: العبادة أو الأمر الذي سألت عنه. وعموده ما اعتمد عليه كعمود الخيمة. وذروة سنامه بكسر الذال المعجمة وضمها، أي: أعلاه، استعار له صورة البعير وأجزاءه.
ومِلاَك ذلك بكسر الميم مقصوده وجماعه. وحصائد الألسنة ما اكتسبته من الإثم بالكلام (أ) فيما لا يباح.
وأما معناه فقوله: "لقد سألت عن عظيم" هو كما قال ﵇؛ لأن عظم المُسَبَّبَات بعظم الأسباب، ودخول الجنة والتباعد عن النار أمر عظيم سببه امتثال كل مأمور، واجتناب كل محظور.
وذلك عظيم صعب قطعًا، ولولا ذلك لما قال الله ﷿ ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ﴾ [سبأ: ١٣] ﴿وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾ [الأعراف: ١٧] قوله: "وإنه ليسير على من يسره الله عليه" أي: بشرح الصدر للطاعة وتهيئة أسبابها والتوفيق لها ﴿فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ﴾ [الأنعام: ١٢٥] وبالجملة فالتوفيق إذا ساعد على
(أ) في م في الكلام.
(١) يسمي الكوفيون حروف الجر بحروف الصفات. انظر عدة السالك إلى تحقيق أوضح المسالك ٣/ ٣.