الهيولى. فأما الانفصال والانفصام فإنما هو له من حيث هو فى الهيولى لا من قبل الهيولى. والتحيز له من جهة الهيولى ، والتحيز هو أن يكون الشىء بحيث تكون إليه إشارة. فهو يعرض أولا للهيولى ، والمتحيز بالحقيقة هو الجسم وليس الصورة هى التي تفيده التحيز.
المكان من حيث هو مقدار لا تضاد فيه ، ومن حيث هو فوق وأسفل لا تصاد فيه أيضا ، لأن معنى فوق وأسفل إما أن يكون على سبيل الإضافة ، أو على الإطلاق. فإن كان على سبيل الإضافة فلا تضاد فيه ، وإن كان على الإطلاق فالفوق على الإطلاق وهو سطح فلك القمر ولا ضد للفلك. وإن اعتبرنا المكان من حيث هو حاو كان عروض التضاد للفوق وللأسفل بسبب المتمكن فيهما ، فيكون عروض التضاد للمكان بسبب المتمكن لا فى ذاتها فيجتمع من ذلك أن لا تضاد فيه.
إن قال قائل : إن الصغير والكبير بينهما تضاد إذ الكبير ضد للصغير الذي هو صغير عنده وفى نوعه لا لكل ما يفرض صغيرا قيل : التضاد حينئذ إنما يعرض للصغير والكبير بسبب موضوعهما أعنى الطبيعة المنسوب إليها الصغير والكبير والأزيد والأنقص من حيث هما لا تضاد فيهما. وإن عرض تضاد فبسبب عروضهما لمعنيين متضادين كسواد قوى وسواد ضعيف فإنهما لذاتهما لا يجتمعان فى موضوع واحد فيعرض لهما حينئذ هذا التضايف الذي هو التضاد.
المتضايفان من حيث هما متضايفان متكافئان فى اللزوم لا فى الوجود وأما الأشياء التي تعرض لها الإضافة فقد لا تكون حالها هذه الحال ، وذلك إذا كان الشىء موجودا والعلم به مفقودا وكان العلم موجودا والشىء مفقودا وفى الثاني يكون حكم الأكبر هذا الحكم.
إن فرضنا زمانين فى الذهن ولا نحكم على أحدهما بأنه موجود أو معدوم لكن نحكم لأحدهما بالتقدم وللآخر بالتأخر صح حكم التقدم والتأخر وإن كان يوما من الأيام حاضرا فى الوجود فى الذهن أيضا فيضيف الذهن إليه زمانا يعقله مستقبلا وحكم بينهما بالتقدم والتأخر بأن يحضر الزمانين معا فى الذهن ولا يعتبر فيهما الوجود ولا العدم أو يحصر الذهن زمانا موجودا ويفرضه موجودا ، ويحضر الذهن زمانا مستقبلا غير موجود فيقايس بينهما أو يكون زمان موجودا وموجودا معه أيضا إمكان وجود زمان آخر مع عدم هذا الوجود ثم يوجد ذلك الزمان ويفقد هذا ، ويعلم جميع ذلك ، فيكون هذا من حيث هو مفقود متقدما فيرجع كله إلى الذهن.
صفحہ 91