إلى خلاف ميولها فإنما يحركها شيء غيرها وهو النفس وكذلك إذا أحست حاسة بشيء كان المدرك لها النفس ، فإن الحاسة قد انفعلت عند الإحساس فلم تبق على حالتها.
الوجود فى واجب الوجود من لوازم ذاته وهو الموجب له ، وذاته هو الواجبية وإيجاب الوجود فهو علة الوجود ، والوجود فى كل ما سواه غير داخل فى ماهيته ، بل طارئ عليه من خارج ولا يكون من لوازمه ، وذاته هو الواجبية أو الوجود بالفعل لا الوجود مطلقا بل ذلك من لوازمه.
الحق ما وجوده له من ذاته. فلذلك البارى هو الحق وما سواه باطل. كما أن واجب الوجود لا برهان عليه ولا يعرف إلا من ذاته ، فهو كما قال «شهد الله أنه لا إله إلا هو» (1) كل ما وجوده لذاته فيجب أن يكون واحدا ، وواجب الوجود وجوده لذاته فهو واحد فإن وجوده لأنه واجب الوجود ، فيقتضى ذلك أن يكون هذا بعينه ، ويكون غير معلول لأنه لا ماهية له بل له الآنية ، إذ كل ذى ماهية معلول لأن وجوده لا لذاته بل من غيره.
واجب الوجود يكون الوجود بالفعل داخلا فى حقيقته ، إذ هو وجوب الوجود لا لازما لحقيقته ، والوجود إذا أخذ فى حد الجوهر وقيل إنه الموجود لا فى موضوع فإنما يدل على حقيقة الماهية ومعناه أنه الشيء والذي من شأنه أن يكون وجوده لا فى موضوع فإن هذا مقسوم لكل جوهر وإن كان شيء يكون الوجود بالفعل داخلا فى حقيقته ولم يكن لازما له لم يكن ذلك الشيء جوهرا. وهذا هو واجب الوجود. فواجب الوجود لا يطلق عليه معنى الجوهر ، إذ ليس هو بجوهر ، وهو منزه عن أن يقال : إنه جوهر.
الوجود ، إذا أخذ مطلقا ، غير مقيد بالوجوب الصرف وإذا أخذ لاحقا لماهيته ومقارنا لها فلا تكون تلك الماهية واجبة الوجود مطلقا ولا عارضا لها وجوب الوجود مطلقا لأنها لا تجب البتة فى وقت من الأوقات. وواجب الوجود مطلقا يجب فى كل وقت. ويجوز أن يكون ذلك الوجود معلول الماهية أو معلول شيء فى الماهية. والوجود المطلق الذي بالذات لا يكون معلولا البتة. فإن كان يقترن ماهية بواجب الوجود إن كان يمكن ذلك فتكون تلك الماهية عارضة له ، وواجب الوجود مشار إليه بالفعل فى ذاته متحقق فى نفسه وإن لم تكن تلك الماهية وهذه هى الآنية ، فوجوب الوجود لا ماهية له غير الآنية.
كل عرض وكل صورة مادية ليس يصح وجود طبيعته وإنما يصح وجود شخص منه وتشخيصه إما بذاته أو لا يكون بذاته. فإن كان تشخصه بذاته كان شخصا واحدا مثل
صفحہ 70