صورة متبوعة ، فإن الصورة سبب لتلك الكيفية وكذلك الكيفيات تبطل للتضاد بينها ، والصور لا تضاد بينها كالحرارة فى النار يبطلها البرودة فى الماء ، لكنها إذا بطلت البرودة عن المادة بطل معها صورة الماء ، وهذه الكيفية ، أعنى الحرارة تعد المادة لأن تخلع تلك الصورة ، أى صورة الماء. كل شىء يكون بالفعل سمى صورة. ولذلك سميت الصور الجسمانية صورا لأنها تقيم الأجسام بالفعل.
الهيولى لا يحصل لها كل ما هى مستعدة له معا ، لأن بعض ذلك يعوقها عن بعض ، وبعضها سبب له في أن يستعد لبعض.
الأشياء المركبة لما كانت علتها هذه الكيفيات ، أعنى الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة ، فإن المزاج يحدث من تفاعلها فواجب فيه أن يبطل وينتقض المزاج من بطلان الكيفيات ، إذ هى علة لها. وأما الأشياء البسيطة فلا علة لها وتلك الكيفية التي فيها كالنار مثلا ليس علتها الحرارة التي فيها لأنها كيفية تابعة لصورتها ، وإذا بطلت الحرارة بطل معها صورة النار ولا تعرف علتها.
حصول المحسوسات فى الحواس إنما يكون السبب فيه استعداد الحواس له فإن أيدينا مثلا إنما تحس بالحرارة وتتأثر عنها للاستعداد الذي هو فيها ، والبصر إنما يجعل فيه صور المبصر للاستعداد الذي هو فيه ، والسمع إنما يحدث فيه الصوت للاستعداد الذي هو فيه ، وليس للحواس إلا الإحساس فقط ، وهو حصول صورة المحسوس فيها فأما أن نعلم أن (22 ب) للمحسوس وجودا من خارج فهو للعقل أو الوهم. والدليل على ذلك أن المجنون مثلا لا يحصل فى حسه المشترك صور يراها فيه ، ولا يكون لها وجود من خارج ويقول ما هذه المبصرات التي أراها ، لكن لما لم يكن له عقل غيرها ويعلم أن لا وجود لها من خارج توهم أنها بالحقيقة مرئية ، وكذلك النائم يرى عند منامه فى حسه المشترك أشياء لا حقيقة لها وسبب ذلك حصول تلك الصور فى حسه المشترك ، فيتخيل له أنه يراها بالحقيقة ، وذلك لغيبة العقل عن تدبرها ومعرفتها. وكذلك إذا تأثرت أيدينا مثلا عن حرارة فأحست بها لا يكون لها إلا الإحساس بها. فأما أن نعلم أن هذه الحرارة لا بد من أن تكون فى جسم حار فإنما ذلك للعقل ، وكذلك إذا حملت شيئا ثقيلا فإنما تحس بالثقل وتنفعل عن الثقل ، والنفس أو الوهم يحكم بأن هذا الثقل لا بد من أن يكون فى جسم الشىء لا يتأثر عن شبيهه ، كالحار لا يتأثر عن حار مثله ، فكذلك الجسم لا يتأثر عن الجسم ، بل إنما ينفعل الشيء عن مضاده كالبارد ينفعل عن الحار. وإذا أحست أيدينا مثلا بحرارة مجاورة لحرارتها زائدة عليها أحست وتأثرت عنها
صفحہ 68