وإذا قلنا وحدة الجوهر معنى يفارق موضوعاتها وأن وحدة العرض معنى لا يفارق موضوعاتها كنا قد خصصنا ذلك العام. وهذا التخصيص ليس بفصل أى ليس هو تخصيصا بفصل كما يخصص المعنى الكلى إذا وقع فى الوجود بفصل ، فيكون عينا موجودا فإن ما يعرض له الوحدة من الجوهر والعرض لا يقومها.
الوحدة حقيقتها أنها وجود غير منقسم ، ووحدة الأعراض ووحدة الجوهر من حيث حقيقة الوحدة لا تفارق موضوعاتها ، فليس من شأنها أن تفارق.
ليس سبيل الوحدة فى موضوعاتها سبيل اللونية فى البياض ، فالوحدة من اللوازم وهى كالوجود لا يقوم ما يطرأ عليه ولا يكون غير مفارق.
إن قيل : ليس امتناع مفارقة الوحدة لموضوعاتها كامتناع مفارقة البياض لموضوعه بل كامتناع مفارقة الجنس للفصل أجيب إن موضوعات الوحدة لا تقومها وليس سبيل تلك الموضوعات مع الوحدة كسبيل الفصول مع الأجناس.
الأعراض والصور المادية وجودها فى ذواتها هو وجودها فى موضوعاتها فلا يصح عليها الانتقال عن موضوعاتها بل يبطل عنها ، والنفوس الحيوانية هى صور مادية ، والنفس الإنسانية ليست هى صورة مادية ، إذ هى غير منطبعة فى المادة. والشبهة إنما هى فى قواها الحيوانية والنباتية وهل هى قواها وأنها إن كانت قواها كيف تبطل ببطلان المادة وهى قواها؟! النفس الإنسانية وإن كانت قائمة بذاتها فإنها لا تنتقل عن هذا البدن إلى غيره ، لأن كل نفس لها مخصص ببدنها ، ومخصص هذه النفس غير مخصص تلك النفس. فلنسبة ما تخصصت بذلك البدن لا نعرفها.
الحدود لا يصح أن تسند إلى أشخاص النوع الفاسدة ، فإنه حينئذ يبطل ذلك الحد مع فساد المحدود ، لكن الحد لا يفسد. وأما إذا كان التشخص هو نفس النوع كالشمس مثلا صح إسناد الحد إليه ولم يقع إشفاق من فساده.
معقول الأول من أشخاص الأنواع الكائنة الفاسدة ليس يصح أن يكون محمولا على هذا الشخص ، على أن ذلك المعقول هو معقول هذا الشخص من حيث هو مقيس إليه فإنه يلزم حينئذ أن يكون استفاد عقليته له من وجوده ، ووجوده محسوس ويدرك بالإشارة من الحس إليه ويكون هذا المحسوس فاسدا ، ولا يجوز على علمه الفساد لكن المعقول له من الأشخاص ومن هذا الشخص أيضا هو نفس الصورة الحاصلة معقولة له لا أن يقايسه إلى هذا الشخص الموجود. فإنه إن قايسه إليه لزم حينئذ أن يكون عقل هذا الموجود لا من أسبابه وعلله بل من إشارة حسه إليه أو من وجه آخر مشابه لما يدرك عليه الشخص الجزئى
صفحہ 65