البسائط ليس فيها استعداد ، فإن الاستعداد هو أن يوجد فى الشىء شىء عن شىء لم يكن ، وأظن استعداده لقبول ذلك الشىء مقدما على قبوله بالطبع.
النفس الإنسانية لا يصح أن تكون فاعلة المعقولات قابلة لها ، بعد أن لم تكن ، فإن مثل ذلك يجب أن يسبقه معنى ما بالقوة ، وفيها استعداد. فأما الشىء الذي حقيقته أن تلزمه المعقولات دائما ، فلا يجب أن يكون فيه معنى ما بالقوة.
لو كانت النفس الإنسانية تفعل المعقولات بعد أن لم تفعل لكان فيها معنى ما بالقوة.
الذي لا يقبل المعقولات لا يصح أن يكون فاعلا للمعقولات ، إذ لا يصح أن يكون شىء واحد فاعلا وقابلا بعد أن لم يكن فاعلا وقابلا ، فإنه يسبقه معنى ما بالقوة.
أقول إنه لا يصح أن يصدر عن شىء واحد بسيط من جميع الجهات إلا شىء واحد ، فقد عرفت أن الشىء لا يوجد عن الشىء ما لم يجب عنه ذلك الشىء. فإذا وجب أن يصدر عن شىء شىء ثم صدر عنه ، من حيث وجب أن يصدر عنه الشىء ، الأول ، ومن جهة ذلك الوجوب شىء آخر غير الأول ، لم يكن واجبا أن يصدر عنه الأول ، وإذا لم يكن بسيطا يصح أن يصدر عنه. فإن صدر عنه من جهة طبعه شىء ومن جهة إرادته شىء آخر ، كان الكلام فى اثنينية الطبع والإرادة ووجوبهما عن شىء بسيط وصدورهما عنه ، كالكلام فى الأول : فيقال : لم وجب عنه من حيث الطبع كذا؟ فإذن لا يصح أن يكون فى واجب الوجود كثرة أصلا وفى وحدة واجب الوجود أن كان واجب الوجود اثنين. ولا شك أن كل واحد منهما يتميز عن الآخر بفصل أو خاصة. ولو كانت الخاصة أو الفصل واحدا على حقيقته لكانا يفيدان ماهية الجنس فإن كل واحد منهما يفيد وجوب الجنس. وتغير الجنس والوجود هاهنا هو نفس الجنس ، وذلك محال ، فإن الفعل والخاصة لا يفيدان حقيقة الجنس ولا يقومانه ، وإلا كان الجنس لا يكون جنسا من دونها ، وكان مثل الحيوان الناطق يكون الناطق تمام الحيوانية ، فلا يكون ما ليس بناطق حيوانا. فإذن هما مفيدان وجود الجنس لا ماهيته. فلو كانا يدخلان على واجب الوجود وكانا يفيدان وجوده ، وكان الوجود حقيقة واجب الوجود ، لكانا يفيدان حقيقة الجنسية. فلأن واجب الوجود من دون الفصل والخاصة له وجوب الوجود ، فإن رفعت الفصل والخاصة من كل واحد من واجبى
صفحہ 182