طعام فی عالم قدیم
الطعام في العالم القديم
اصناف
يوضح جالينوس أنه يرى من وجهة نظره أن التغذية تتضمن النظام الغذائي اليومي الذي يجب تعديله بحيث يلبي احتياجات حالات مرضية معينة في الجسم؛ فالجسم يتلقى المواد المغذية - «تروفي» - ويكون خاضعا للخواص أو القوى «دوناميس» الكامنة في الطعام. وقد يتسم الطعام بخاصية التدفئة أو التبريد أو التغليظ أو التخفيف، وقد يكون مرا أو بسيطا أو حلوا أو لاذعا؛ وكل هذه الخواص كانت تؤثر على الجسم، وعلى السوائل الحيوية أو «أخلاط» الجسم بصفة خاصة. وكان يمكن التحكم في الصحة والكثير من الحالات الناتجة عن اعتلال الصحة عن طريق اختيار الأطعمة المناسبة لاحتياجات كل جسم على حدة، وكان النظام الغذائي عبارة عن وسيلة معتدلة نسبيا للمحافظة على الصحة ومكافحة المرض، وكانت تتوافر علاجات أقوى في دستور الأدوية الذي كانت تصنف فيه المواد النباتية والحيوانية المشابهة - ولكن في نمط أشد تركيزا - جنبا إلى جنب مع المكملات المعدنية وغيرها من المكملات الغذائية.
سأتحدث عن أربعة أمثلة من الأطعمة المأخوذة من بحث جالينوس «عن قوى الأطعمة» لإيضاح مدى تعدد استعمالات الأطعمة من وجهة نظر الطبيب. وكانت المواد المغذية من الاعتبارات المهمة، ولكن كان ثمة عدد من الاعتبارات الأخرى، كما سنرى. وكانت سهولة مرور الطعام خلال الأمعاء من الأمور المهمة، وكذلك الاعتبارات المتعلقة بإدرار البول ومجموعة متنوعة من خواص الأخلاط.
يصف جالينوس الشوفان في الموضع (1، 14):
يكثر هذا النوع من الحبوب في آسيا، خصوصا في المنطقة الواقعة بعد بيرغامون من مدينة ميسيا؛ حيث تشهد إنتاج كميات كبيرة من القمح الوحيد الحبة والقمح الثنائي الحبة. وهو طعام مخصص للحيوانات المستخدمة في الجر وليس للبشر، إلا في أوقات معينة عند اضطرارهم لصنع الخبز منها في حال تعرضهم للجوع الشديد. وفي غير أوقات المجاعات، يؤكل الشوفان بعد سلقه بالماء مع النبيذ الحلو أو عصير العنب المغلي أو النبيذ الممزوج بالعسل، مثل القمح الوحيد الحبة؛ وهو دافئ بدرجة كافية، مثل ذلك النوع من الحبوب، ومع ذلك هو ليس صلبا مثل القمح الوحيد الحبة؛ ومن ثم، فهو يمد الجسم بكمية أقل من المواد الغذائية، والخبز الذي يصنع منه كريه من نواح أخرى. وهو لا يضبط الأمعاء أو يحفزها، بل إنه من هذه الناحية يقع في منزلة وسطى بين نقيضين. (ترجمه إلى الإنجليزية: باول)
وأعلق فيما يأتي على السمات الاجتماعية لهذه الفقرة. أما الآن، فإني أشير إلى أن جالينوس يتحدث عن الأشكال النيئة والمصنعة من الشوفان؛ إذ يذكر أن جودته الغذائية تعتمد جزئيا على كثافة البذرة، وأن الشوفان يساعد في التدفئة من حيث علاقته بالأخلاط، وأنه لا يؤدي للإمساك ولا الإسهال أثناء مروره في الأمعاء. والحبوب التي تحدث عنها جالينوس بعد ذلك (1، 15) هي «كينجكروس» و«إلوموس»، وهما دخن بروسو ودخن ذيل الثعلب:
أحيانا يصنع الخبز من هذه الحبوب إذا حدث نقص مفاجئ في أطعمة الحبوب التي سبق ذكرها، ولكنها غير مغذية وباردة، ومن الواضح أنها مقرمشة وتصلح للقلي، وكأنها لا تحتوي على أي مواد دهنية أو دبقة؛ لذلك - بحسب توقعاتك - فهي تتسم بخاصية التجفيف للمعدة الرطبة. ولكنهم في الريف يسلقون الدقيق المستخرج من هذه الحبوب، ثم يمزجونه مع دهن الخنزير أو زيت الزيتون ويأكلونه. ودخن بروسو أرقى من دخن ذيل الثعلب من كل النواحي، وهو في الواقع ألذ كطعام، وأسهل في الهضم، وأقل تسببا في الإصابة بالإمساك، وقيمته الغذائية أكبر. أحيانا يأكل الريفيون الدقيق المصنوع من هذه الحبوب ممزوجا بالحليب بعد غليه، ويستعملون دقيق القمح أيضا بهذه الطريقة. ومن الواضح أن قيمة هذا الطعام ممزوجا تكون أفضل من تناول مكوناته كلا على حدة، وذلك بنفس القدر الذي يكون فيه تناول هذا المزيج بالحليب أفضل من الخواص الطبيعية لكل من هذين النوعين من الحبوب منفصلين. تساعد إضافة الحليب في إفراز أخلاط صحية، فضلا عن مزايا أخرى تتعلق بالهضم والتفريغ المعدي وتوزيع الطعام والطعم الحلو اللذيذ عند الأكل؛ فهذان النوعان من الحبوب غير لذيذين، ولا سيما دخن ذيل الثعلب الذي يزرع في المنطقة التي نعيش فيها من آسيا؛ وهو أفضل بكثير في البلدان الأخرى، مثل إيطاليا. (ترجمه إلى الإنجليزية: باول)
توضح هذه الفقرة خواص الحبوب ذات القيمة الغذائية المحدودة، ويتسم هذان النوعان من الحبوب ببرودة ملحوظة، ويحدد قوام كل منهما الصالح للقلي خواصه التي تساعد في تجفيف المعدة. وتأتي إشارة إلى طعم كل منهما، وفي هذا السياق المتعلق بالأطعمة الثانوية كغذاء للإنسان يصبح الطعم اللذيذ من الخواص الوثيقة الصلة بالموضوع. ويترافق مع ذلك - في هذه الحالة على الأقل - سهولة الهضم والتغذية، وتتطلب الحبوب مزجها بالحليب؛ ومن ثم يمكن أن تؤدي إلى إفراز أخلاط صحية، وإلى فوائد متعددة من حيث الهضم والتوزيع والتدفق من المعدة.
وثاني نوعين من الطعام اخترتهما لتوضيح منهج جالينوس هما ثمرتا العرعر وشجر الأرز (2، 15-16):
يطلق الناس على ثمرة العرعر «توت العرعر»، وهو مر المذاق بعض الشيء، مع شيء من الحلاوة وقدر أقل من الطعم اللاذع. وله أيضا رائحة عطرية نوعا ما؛ لذلك، من الواضح أن له خاصية التدفئة بسبب الطعم اللاذع (فكل ما هو لاذع ثبت أنه يساعد على التدفئة)، ولكن أيضا بسبب رائحته وطعمه العطريين؛ فكل النباتات العطرية تساعد على التدفئة. كما أنه يساعد على تنقية المواد الموجودة في الكبد والكلى، ومن الواضح أنه يساعد في تخفيف الأخلاط الغليظة واللزجة؛ ولهذا يخلط بالعقاقير التي تحسن الصحة. ولكنه لا يمد جسم الإنسان إلا بمواد غذائية قليلة، وإذا أكل المرء كمية كبيرة منه، فإنها تهيج المعدة وتؤدي إلى سخونة في الرأس، وأحيانا ما تسبب انتفاخا في الرأس وإحساسا بالألم. وعند مرور هذه الثمار في الأمعاء، فإنها لا تتسبب في إعاقة الإخراج ولا في تحفيزه؛ ومع ذلك، فإنها مدرة للبول إلى حد معتدل.
وثمرة شجرة الأرز - التي يطلقون عليها «توت الأرز» - تشبه ثمار توت العرعر من حيث اللون والشكل - لأن لونها يميل للاصفرار ومستديرة أيضا - ولكنها تختلف من حيث الطعم اللاذع. وفي الواقع، تقترب هذه الثمرة من كونها عقارا لأنها لا تمد الجسم بأي مواد مغذية إلا عند نقعها في الماء أولا؛ فمن السمات المشتركة لكل الأطعمة اللاذعة أنها تمد الجسم بمواد مغذية ثانوية بعد التخلص من طعمها اللاذع. فضلا عن ذلك، فإن ثمرة أشجار الأرز أشد صلابة وأكثر جفافا من ثمار العرعر، كما أنها دون شك أصغر حجما منها، وليست أيضا ذات رائحة عطرية مثلها؛ لذلك، من الواضح أنها مهيجة للمعدة وتؤدي إلى الإصابة بالصداع، إلا في حالة تناولها بكمية قليلة. (ترجمه إلى الإنجليزية: باول)
نامعلوم صفحہ